للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما رسلهم وهم فلان وفلان فقد وصلوا إلينا، ووفدوا علينا، فأكرمنا وفادتهم، وعززنا لأجل مرسلهم من الإقبال مادتهم، وسمعنا خطابهم، وأعدنا جوابهم، هذا مع كوننا لم يخف علينا انحطاط قدرهم، ولا ضعف أمرهم، وأنهم ما دفعوا لأفواه الخطوب، إلا لما ارتكبوه من ذنوب، وما كان ينبغى أن يرسل مثل هؤلاء لمثلنا من مثله، ولا يندب لهذا المهم إلا من يجمع على فصل خطابه وفضله.

وأما ما التمسوه من الهدايا والتحف، فلو قدموا من هداياهم حسنة لعوضناهم بأحسن منها، ولو أتحفونا (١) بتحفة لقابلنا [هم] (٢) بأجل عوض عنها، وقد كان عمه الملك أحمد (٣) راسل والدنا السلطان الشهيد، وناجاه بالهدايا والتحف من مكان بعيد، وتقرب إلى قلبه بحسن الخطاب، فأحسن له الجواب، وأتى البيوت من أبوابها بحسن الأدب، وتمسك من الملاطفة بأقوى سبب.

والآن فحيث انتهت الأجوبة إلى حدها، وأدركت الآنفة من مقابلة ذلك الخطاب غاية قصدها، فنقول: إذا (٤) جنح الملك للسلم جنحنا لها، وإذا دخل فى الملة المحمدية ممتثلا ما أمر الله به مجتنبا ما عنه نهى، وانضم فى سلك الإيمان، وتمسك بموجباته تمسّك المتشرف بدخوله فيه لا المنّان، وتجنب التشبه بمن قال الله فى حقهم: {(قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ)} (٥)،


(١) «تحفونا» - فى الأصل.
(٢) [] إضافة من زبدة الفكرة.
(٣) هو: أحمد سلطان، المسمى توذكار بن هلاون بن باطو بن جنكز خان، ملك التتار، المتوفى سنة ٦٨٣ هـ‍/ ١٢٨٤ م - المنهل الصافى ج‍ ٢ ص ٢٥٤ رقم ٢٣٤.
(٤) «إذ» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.
(٥) جزء من الآية رقم ١٧ من سورة الحجرات رقم ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>