للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريف فقال لهم: اسمع يا حميضة لأى شئ تفعل كذا حتى يشكو منك أخويك؟ فأجابه بقوة نفس وقال: يا أمير نحن نفتصل مع إخوتنا، وأنتم قد قضيتم حجكم وجزيتم خيرا، فلا تدخلوا بيننا. فغضب بيبرس لذلك غضبا شديدا، وأشار إلى الأمير سيف الدين طشتمر الجمقدار أن يلكمه، فلكمه فأرماه إلى الأرض، وما قام إلا وقد [وجد (١)] روحه مكّتفا هو وأخاه (٢)، ووقع الصوت فى الحرم بمسكهما، فتصايحت النسوان والعبيد، وطلعوا على البيوت وأسطحة الحرم بالأحجار، وركبت الأشراف والعبيد.

فلما رأت الأمراء ذلك أدركوا خيولهم وركبوها، وركّبوا الأميرين المذكورين مكتفين مزنجرين فى رقابهما، وهم يصيحون يا لبنى حسن، يا لبنى أولاد نمى، فخرجت البنات من مكة وسبقت خيل الشرفاء، ومسكوا طرق الأبواب والأزقة، وسمعت أيضا بقية الأمراء النازلين [٢٦٨] فى الوطاق، فركبوا بالقسى والرماح، واستعدوا، ولما رأى بنو الحسن الجند والأمراء من خلفهم ومن بين أيديهم أخذ كل منهم فى طريق، وخرج منهم نحو ثلاثة عشر نفرا، وقتل ستة نفر، وقيل ثمان رءوس من الخيل، وخرجت جماعة من الذين على الأسطحة إلى أن خرجوا إلى المخيّم وطلبوا أبا الغيث وعطيفة وولوهما مكة، وخلعوا عليهما ودخلوا بالممسوكين مصر مزنجرين وأودعا بالسجن مدة.

قال صاحب النزهة: وكان وصول الأمير ركن الدين بيبرس من الحجاز الشريف فى أول المحرم من سنة اثنتين وسبعمائة، وكان خروجه من مصر نصف


(١) [] إضافة يقتضيها السياق.
(٢) «وأخوه» - فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>