للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البادى منهم والحاضر، فصادفتهم المراحم العميمة التى لم تزل لنا خلقا وشيمة، فتوقفنا مقتدين بقوله تعالى: {(وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً)} (١) فأنفذنا الإيلجية (٢) مع قضاة ثقات، لعلهم فى أمرهم يتفكرون، وإلى الإنابة يهتدون، فأتوهم بصرائح النصائح، وهدوهم إلى جدد المصالح، فعصى سلطان مصر عتوا ونفورا، وأودعهم السجن تجبرا وغرورا، فأفضت حركاتهم الذميمة إلى أن هال عليهم الجنود، وحل عليهم ما حل بعاد وثمود، ولولا رفقنا المجبول بنا لأضحت شام خالية الديار.

وأما ما أصاب (٣) من لاحقه بعض العساكر من بعض الرعية فما كان أحد بذلك مأمورا، وكان أمر الله قدرا مقدورا.

وجرم جرّه سفهاء قوم … فحلّ بغير جانيه العقاب

ولما ثنينا عنان العزيمة ترحمّا (٤) على البراء من الجريمة، ثنينا لتركيب الحجة الرسالة، لعلهم ينتهون عن التمادى فى الجهالة، فما سمعوا من الرسول قيلا، وحبسوه زمانا طويلا.

وأما فى الإعادة، فقد خالفوا الذاهبين فى العادة، لأنهم لم يصحبوه واحدا من رسلهم، ليتداركوا ما فرط من زللهم، ويا ليت ما حملوه من الجواب، كان


(١) جزء من الآية رقم ١٥ من سورة الإسراء رقم ١٧.
(٢) إلجى، وإيلجى: لفظ تركى الأصل، وهو السفير أو المبعوث Dozy:SUpp. Dict-Ar -
(٣) «وأما ما كان» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.
(٤) «ترحمنا» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>