للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التتار فإن راكبا منهم ما يهرب مقدار رمية نشاب إلا وقد وقع على الأرض.

ولو عاينت ما كنت ترى غير رؤوس ترمى بالسيوف، ورجال يقبض عليهم بالأيادى والكفوف، وتمت خيل المسلمين تابعة أثرهم إلى أن صار وقت العصر، فرجعت الأمراء واجتمعوا عند السلطان، واتفق رأيهم على تجريد أمراء يتبعونهم، فجردت جماعة منهم بمضافيهم من أصحاب الخيول الجياد، فتزودوا وساروا وراءهم، ورسم للعرب أيضا أن يتبعوا آثارهم، فأىّ موضع أدركوا منهم جماعة يقبضون عليهم ويقتلونهم ويأسرونهم.

وقال النويرى: التقى الفريقان بمرج الصفر نصف النهار، فاضطربت ميمنة المسلمين، واستشهد جماعة من الأمراء، وانهزم بعضهم إلى دمشق، وأردف القلب الميمنة فردّت التتار عنها، وأما الميسرة فثبتت وحملت على ميمنة التتار كان مقدمهم مولاى، فولى منهزما وتبعهم المسلمون، وحجز الليل بينهم، والتجأ التتار إلى الجبل وأحاطت العساكر الإسلامية بهم وضايقوهم أشد مضايقة إلى الصباح، ثم أفرج لهم الأمير أسندمر فرجة من رأس الميسرة، فخرجوا منها هاربين على أعقابهم، وتبعتهم العساكر الإسلامية فأبادوهم قتلا وأسرا وغنموا منهم خيلا عظيمة حتى بيع الأكديش بخمسة دراهم.

وقال ابن كثير (١): وأصبح الناس يوم الجمعة أول رمضان فى هم شديد وخوف أكيد لا يعلمون ما خبر الناس، فبينما هم كذلك إذ جاء الأمير غرلو العادلى، فاجتمع بنائب القلعة، ثم عاد سريعا ولم يدر أحد ما الخبر، ولم يفهم أحد من العامة فيم جاء غرلو.


(١) انظر البداية والنهاية ج‍ ١٤ ص ٢٥ - ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>