للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل منهم يقع من نفسه، وآخر يقف فرسه فينزل ويمشى ساعة، ثم يقطع من لباده الذى عليه قطعة فيلفها على رجليه، هذا هم الذين غفل عسكر الإسلام عنهم، وأما الذى يصادفه أحد منهم فإما يقتله أو يأسره ويقوده مثل الكلب، وقد ملئت الأرض من دمائهم ومن أجسادهم، فأوقع الله عليهم الذلة والصغار حتى يقبض على واحد منهم فلا يمد يده ولا يقاتل، وإذا كان فى يده قوس أو سيف يرميه إلى الأرض، وإذا رأى الرجل طالبه يمدّ رقبته إليه ويسلم نفسه من غير قتال، وقتلت منهم الغلمان والحرافيش خلقا كثيرا، وكانت الجند ومماليك الأمراء يتذاكرون فى قتلاهم، فمنهم من يقول: قتلت عشرين، وآخر يقول: قتلت ثلاثين، وآخر يقول: قتلت عشرة، ونحو ذلك، وأما العرب فقد فعلوا بهم من النهب والقتل ما لا يحصى، ومنهم خلق كثير ماتوا عطشا فى البرارى، وكذلك دوابهم، ومنهم ناس التجأوا ببساتين دمشق فدخلوا فيها، فكان الرجل يجئ إلى بستانه فيجد فيها اثنين وثلاثة فيقتلهم، ولا يقدر أحد منهم على منعه من الخوف والجوع والتعب، ولما علم الأمراء بذلك نادوا فى دمشق إن من وجد أحدا من المغل أو الأرمن ولم يحضره إلى نائب الشام فقد حل دمه. فصار من يظفر بواحد منهم أو أكثر يأتى به إلى النائب، فالنائب إما يقتله وإما يستخلصه لنفسه.

وقال بيبرس فى تاريخه (١): لما حصل التظافر (٢) على التتار أسرع (٣) مولاى أحد


(١) النص التالى اختصره العينى من زبدة الفكرة، ولم ينقله نصا - زبدة الفكرة (مخطوط) ج‍ ٩ ورقة ٢٤١ أ - ٢٤١ ب.
(٢) «وحصل التضافر» - فى زبدة الفكرة.
(٣) «فأسرع». - فى زبدة الفكرة، ويبدو أن العينى عدل بعض الحروف ليتسق الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>