للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحرمات، ويتجاهرون بالمعاصى، وتهتكت بسبب ذلك مخدّرات النساء، وافتضح من كان يخشى الفضيحة من كل مستور، ولم يبق فى المدينة من أكابر البيوت من الأمراء وغيرهم من الأعيان إلا من خرج من بيته مع غلمان أو خدام أو قهرمانات (١)، وكان يرى ما يذهله ويروع به عقله، حتى كان يطرح الحشمة ويستحسن الفضيحة.

وطمس الله على قلوبهم، لقضائه السابق وأمره اللاحق، حتى أرسل الله عليهم زلزلة [٢٩٩] عظيمة يوم الخميس الثالث والعشرين من ذى الحجة عند صلاة الصبح، فتزلزلت الأرض بأركانها، وسمعت للحيطان قعقعة ورعدة، وكذلك السقوف، ومالت الأرض بالماشى وأخرجته عن طريقه، وأرمت الراكب، وقيل للخلق إن السماء انطبقت على الأرض، فكان الماشى يهرب من الخوف إلى زقاق آخر فيجد فيه من الرعد والقعقعة أكثر مما هرب منه، وخرجت النساء مستبيّات حاسرات، فما قدرت من الخوف أن تأخذ شيئا تستتربه، وكذلك البنات والأطفال، وخرجت الفقراء من المساجد والزوايا، وأسقطت كثير من النساء الحبالى حملها، وورد على البحر ريح بموج عاصف متلاطم، ففاض البحر فيضا حتى طلع بالمراكب التى على ساحل البحر وحدفهم من البحر مع الريح مقدار رمية نشاب، ثم لما عاد الماء إلى حاله بقيت المراكب على اليبس، فتقطعت مراسها، وكذلك مراكب المسافرين اقتلعها الريح من وسط البحر إلى ساحل البر.

وقد ضرب كثير من الأمراء خياما فى الفضاء وأخرجوا حريمهم إليهم، وكذلك خرجت خلق كثير نحو بولاق والجزيرة والروضة وغير ذلك،


(١) القهرمان: الوكيل، أو أمين الدخل والخرج - المنجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>