للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتياجهم إلى زيادة النيل يرمون ذلك الأصبع فى البحر فيزداد، ومتى لم يرموه لم يزد شيئا، وكان يجتمع فى ذلك اليوم الذى يرمى الأصبع فيه خلق من سائر الأقاليم من أهل الملة النصرانية ويركبون الخيل فى ذلك اليوم ويلعبون عليها، وكان أهل مصر والقاهرة يرحلون إليهم فى المراكب والخيل، ويضربون الخيام على جانبى البحر وفى وسط الجزائر، ولا يبقى شئ من الملاهى وأرباب الطرب إلاّ ويكون هناك فى ذلك اليوم، ويجتمع هناك نساء خواطى، وربما يقتل فيه قتيل، وتقوم فيه فتن، وتباع فيه الخمور بنحو مائة ألف درهم.

قال صاحب التاريخ: حكى لى بعض النصارى أنه باع فى ذلك اليوم خمورا بإثنى عشر ألف درهم، ولما جاء أوان عيده سيّر الأمير ركن الدين بيبرس متولى المدينة وجماعة من الحجاب ومنعوهم عن ذلك، وكتب للولاة أن ينادوا فى النصارى أن لا يخرج أحد فى ذلك اليوم، ولما بلغ ذلك النصارى اجتمعوا بالتاج بن سعد الدولة ودخلوا عليه على أن يتحدث مع الأمير بيبرس، لما كانوا يعلمون من منزلته عنده، فشرع فى الحديث معه من طريق الأموال، وأن هذا يحصل منه مال عظيم، والعادة جارية به، فلم يلتفت إلى كلامهم وقال: إن كان النيل ما يزيد إلا بهذا الأصبع لا يزيد ولا يطلع، وإن كان الله عز وجل يتصرف فيه كيف يشاء فهؤلاء يفشرون، فأبطله (١).

ومنها: أن القمامة (٢) التى بالقدس الشريف كان فى وسطها قنديل كبير، صنعته أكابر النصارى، وفى كل سنة يوم معلوم عندهم يجتمع إليه النصارى من


(١) المقصود: إبطال عيد الشهيد، انظر السلوك ج‍ ١ ص ٩٤١ - ٩٤٢، وعن عيد الشهيد انظر المواعظ والاعتبار ج‍ ١ ص ٦٨ وما بعدها.
(٢) هى كنيسة القمامة أو القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>