سائر الأجناس، ولا يوقد ذلك القنديل فى كل السنة إلا فى ذلك اليوم، ولا يظهر نوره إلا فى الرابعة من ذلك اليوم، ومتى أبطأ فى ذلك الوقت يقولون:
إن نيل مصر فى هذه السنة شحيح، وكانت عادة السلطان يبعث إليها قرب هذا اليوم من يثق بأمانته. فيحصّل شيئا كثيرا من الذهب والفضة وسائر التحف، ثم يحضره إلى السلطان، وينقل من زيت ذلك القنديل إلى سائر نصارى البلاد من الملوك وغيرهم على سهيل التبرك عندهم، وكان هذا القنديل يشتعل من ذاته، وهو أمر عظيم عندهم، فهو الذى يكون سببا لضلال النصارى وثباتهم على دينهم الباطل، واتفق أن نجم الدين بن الحباب سافر إليه فى الدولة المنصورية حتى يتحقق أمر هذا القنديل، فلما حضر فحص عن ذلك واجتهد فيه إلى أن انكشف له أنه مصنوع من أدوية بحكمة مذكورة عندهم، وأن الشمس فى الرابعة من النهار يقوى جرمها فيقع شعاعها من طاقة قريبة من القنديل المذكور، فإذا وقع يطلقون موضع وقوع جرم الشمس شيئا من القلفونية المصنوعة بالحكمة فتصل قوتها إلى فتيلة ذلك [٣٠٢] القنديل فيشتعل، فلما ظهر له ذلك كتب إلى الوزير والسلطان فى ذلك فتهاونوا فى أمره، فأمر الأمير بيبرس بمنعه وتبطيله، فأنكروا عليه من حيث أنه يحصل من ذلك كل سنة جملة من المال لبيت المال، ولم يزل يسعى فيه إلى أن كتب السلطان بإبطال ذلك القنديل، وكان آخر ذلك فى صحيفته.
وفيها: كان صاحب سيس جهز مركبا من مراكب الإفرنج وفيه أصناف كثيرة مقدار ما يساوى قيمتها مائة ألف دينار، على أنه يدخل بلاد قبرس والجزائر، فاتفق أن الله عز وجل أراد أن يجعلها غنيمة لأهل الإسلام (١)، فأرسل