منها فى البحر تفاوضا مفاوضة أدّت إلى أن رسول البرشونى طرح عثمان من المركب إلى القارب الذى خرج من الميناء، فشيعهم هو وغلمانه، فأقلع من فوره، فرجع فخر الدين عثمان إلى مصر.
وفى النزهة: وصل رسول البرشونى وصحبته هدية حسنة خارجة عن عادته، فإن تناهى فى التحف والأشياء المفتخرة من المصاغ والبلور والذهب للسلطان وأرباب الوظائف من الأمراء وغيرهم، فأعجب السلطان والأمراء ذلك، وكان فى كتابه سأل أن يحضر إليه رسول من جهة السلطان فإنه اختار أن يشافهه، فرسم بتجهيز فخر الدين عثمان استادار الأمير عز الدين الأفرم، وكان قد تأمر وولى ولاية القاهرة أياما وعزل، فتجهز وأولع فى الطمع حتى اقترض على ذمته نحو ستين ألف درهم غير ما كان فى حاصله، واشترى أصنافا كثيرة من أصناف صالحة لتلك البلاد، ولما فرغ الرسل من التجهيز تمثلوا بين يدى السلطان وباسوا الأرض، وأخرجوا فى ذلك الوقت ملطفا صغيرا وقالوا للترجمان: إن الملك كان أوصى إليهم أن السلطان إذا قضى حاجته فى الكنائس نخرج هذا الملطف ونعطيه، وإن لم يجب إلى ذلك فلا تعطوه، فلما قرئ على السلطان وجد فى ضمنه أنه طلب بعض الأسرى المحبوسين فى مصر، وذكر أن أباه وأمّه قد توفيا ولم يبق غير أخته، وأنها قد دخلت على زوجته أن تسأل صدقات السلطان أن يجمع بينها وبين أخيها، فرسم السلطان أن يفك قيد هذا الأسير المطلوب ويسلم إليهم، ثم كتب لمتولى الإسكندرية بإكرامهم وتسفيرهم، ولما وصلوا إلى إسكندرية باتوا تلك الليلة على نية السفر، وعند طلوع الشمس تغيّر الهواء وأعاقهم عن الخروج من الميناء، وعندما تضاحى النهار وقعت بطاقة: إن كانت الرسل قد سافروا تحيلوا