للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ردهم [٣١٨] إلى إسكندرية إن أمكن ذلك، وإن كانوا ما سافروا عوّقوهم وخذوا منهم ذلك الأسير الذى فكّ قيده وسلم إليهم، وأحضروه إلى مصر، ويأذن السلطان بعد ذلك للسفر.

وكان الموجب لذلك أن هذا الأسير لما طلب من بين الأسراء كان قد حصل بينه وبين أحد منهم كلام أوجب التباغض بينهما، اجتمع بمشدّ الأمراء وعرّفه أن له نصيحة يريد أن يبديها للسلطان، فعرّف المشد بذلك للأمراء وبلغوا السلطان فطلبه، فلما حضر قال: إن هذا الأسير الذى شفع فيه صاحب برشونة وأجاب إليه السلطان ابن ملك كبير فى البلاد، وله مال عظيم، ولو طلب السلطان منه ملء مركب ذهبا أعطاه وأعطى أضعافه. فقيل له: كيف أصل أسر هذا وما جرى عليه؟ فقال: هذا كان قد حضر بمركب تجارة إلى مدينة طرابلس وأخذ منها متجرا عظيما، وتردد إليها مرات، وكان يتردّد أيضا إلى جزيرة أرواد لما كانت عامرة، وجعل له فيها حواصل (١) كثيرة، ولما أخذت جزيرة أرواد واستولى عليها المسلمون كان هو مقيما فيها، وأخذ مع جملة الأسراء وقال:

أنا أعرف بلده وأعرف أباه وأمه وما هو عليه من الدنيا الواسعة وأنا أسرت معه، وتم الأمر علينا إلى هذه الأيام، ولما بلغ والده أن ابنه فى قيد الحياة وأنه أسير عندكم، فتحيل ودخل على صاحب برشونة وقدم له هدية عظيمة، وهو الذى أقام بجميع ما جهزه إلى للسلطان من عنده ما قيمته أربعون ألف دينار، وكتب صاحب برشونة إلى السلطان بسبب الكنائس وما كان قصده إلا خلاص هذا الأسير، وإنما جعل ذكر الكنائس حجّة وسلّما إلى وصول قصدهم.


(١) الحاصل: فى العمارة المملوكية تدل على معنى: مخزن أو حانوت - انظر: المصطلحات المعمارية فى الوثائق المملوكية ص ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>