فعند ذلك كتب بطائق إلى متولى الإسكندرية، وسيروا بعدها البريد، فسبقت البطاقة، وأراد الله عز وجل أن لا يبلغهم آمالهم، وفسدت الريح إلى أن أدركهم الأمر، فركب متولى إسكندرية فى الحال وأخذ الأسير منهم وأعاده للقيد، وسيره صحبة البريد إلى مصر، وعرف رسول صاحب برشونة أن السلطان علم خبر هذا الأسير ورسم أن يرجع إلى مكانه، وسافروا أنتم، فلم يمكنهم الكلام بعد ذلك، وعلموا أن الذى جاءوا بسببه لم يتم لهم، وخشيوا عاقبة أمرهم، فأقلعوا من وقتهم وسافروا.
ولما بعدوا عن إسكندرية تشاوروا فيما بينهم فى أمر الرسول الذى معهم من جهة السلطان، فاتفقوا على أن يأخذوا جميع ما معه من جهة السلطان، ثم يقتلوه ويسافروا، فتصدى شخص من عقلائهم فقال: قتل الرسول ليس بجيّد وأيضا إذا قتلناه نخشى عاقبة ذلك، وربما يصعب ذلك على الملك أيضا، وصاحب مصر لا يعاند، فعند ذلك اقتضى رأيهم أن يأخذوا جميع ما معه ويردّوه إلى إسكندرية، ولما انتظم الأمر بينهم على ذلك قاموا إليه وأخذوه وحده ووضعوه فى قارب، وكان رجلا ضخما وقالوا له: رح إلى مكان جئت منه، فلو كان قتل الرسول جائزا لقتلناك ورميناك فى البحر، فسألهم أن يردوا عليه شيئا من ماله فإنه أخذه بالدين، فأبوا أن يردوا عليه شيئا، وقالوا: هذا بعض ما جبناه إلى ملككم، وأقلعوا، ورجع هو بالقارب إلى [٣١٩] الإسكندرية وليس معه سوى ما عليه من القماش، فجهزّه متولى الإسكندرية إلى القاهرة، وكتب إلى السلطان وعرفه بخبره، ولما وصل إلى مصر دخل إلى الأمراء وشكى حاله فقال: إنى تداينت أموالا كثيرة على ذمتى وأخذ جميعها، وبكى بين أيديهم، فكان جواب سلاّر: نحن سيرنا رسولا ما سيرنا تاجرا، وأرسلوا إلى متولى