للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ما قال بيبرس فى تاريخه: وفى هذا العام شملنى الإنعام بأن رشحت بحمل الجتر السلطانى فى المواكب، وهى وظيفة معزوقة (١) بذوى المراتب، فشكرت الله تعالى على ذلك (٢).

ومنها: أن القاضى صدر الدين بن المرحل قدم من دمشق إلى القاهرة، ومعه كتاب نائب الشام إلى الأمير ركن الدين بيبرس، والأمير سيف الدين سلار نائب السلطان، بسبب وظائف كانت بيده وخرجت عنه، وكان هذا الرجل مشهورا بالفضيلة، والشعر الحسن، والمنادمة الحسنة، وله شهرة بشغفه الشراب، ومنادمة الأكابر، وبهذه الأشياء اتصل بنائب الشام حتى كتب معه فى حقه، ولما اجتمع بالأمير بيبرس اتفق مبيته عنده تلك الليلة.

قال الراوى: فحكى لى شمس الدين البلخى المؤذن شيئا من بعض لطائفه، أنه لما بات عند الأمير بيبرس تلك الليلة أحضر إليه الأمير بيبرس بعد العشاء سلطانية كبيرة ملآنة بالسكر وماء الليمون مع بعض السقاة، وكان ذلك الساقى تركيا صاحب وجه حسن، ولكنه كان أجرودا كبيرا فى العمر، فلما ناوله المشروب أخذه منه وبهت فى وجهه زمانا، ثم التفت إلىّ وقال: يا شمس الدين إن هذا شاب مليح. قال: فقلت له: يا مولانا لا يغرك نظر الشمع، هذا كبير ولكنه أجرود، ومع ذلك يا مولانا هو رجل مأبون ما منه خلاف، فقال:

وإلى الآن، قلت له: نعم، فشرب منه، فأنشأ يقول:

شاب قلبى بشاب من سنى البدر أوجه … كلما شاب ينحنى بيّض الله وجهه


(١) عزق الخبر: حبسه، والمقصود أن هذه الوظيفة لا يتولاها إلا ذو المراتب.
(٢) انظر التحفة الملوكية ص ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>