[٣٢٠] ثم أنه حصل له ما طالع به نائب الشام، فكتب له توقيع بالعدراوية، ودار الحديث، وخطابة الجامع الأموى والإمامة، ثم سافر إلى دمشق، وأوقف نائب الشام على توقيعه، فعلّم عليه، وكان الخطيب إذ ذاك الشيخ شرف الدين الفزارى، وكان قد تولى الخطابة بحكم وفاة الشيخ زين الدين الفارقى.
وكان الناس فرحوا بتولية الشيخ شرف الدين الخطابة لكونه من أهل الصلاح والدين والعلم، فلما بلغ أهل دمشق أن صدر الدين المذكور قد تولى هذه الوظائف المذكورة تعصبوا عليه، واتفقوا أنه إذا حضر وأراد أن يخطب لا يصلون وراءه، وكان حضوره من القاهرة يوم الأربعاء، فصبروا عليه إلى أن كان يوم الجمعة، اجتمعت أكابر دمشق مثل: كمال الدين ابن الزملكانى، وإمام الدين القزوينى، وعلاء الدين بن العطار، والشيخ على الكردى، والشيخ تقى الدين بن التيمية، وأصحابه، وقاضى الشافعية، وقاضى الحنفية، ومنعوا الناس عن سماع خطبته والصلاة خلفه، وكان نائب الشام ركب إلى الجامع للصلاة، فرأى المدينة قد انقلبت إلى أن دخل الجامع، وخرج الشيخ صدر الدين وهو لابس حلة الخطابة، وما لحق أن يصعد المنبر حتى صاحت الناس فى وجهه، وخرجت جماعة، فخرجوا من الجامع وهم يصيحون ويقولون: أين الإسلام؟ كيف يجوز أن يكون هذا الرجل خطيب المسلمين وإمامهم، وصدر الدين لم يعلم ما يقال من قوة غلبة الناس والصياح، وما صدّق نائب الشام فراغه من الصلاة وسكون الحال حتى خرج وركب إلى دار السعادة، فحضرت إليه القضاة وابن تيمية والمشايخ، وقد نظموا محضرا على صدر الدين، وشهدوا عليه فيه أنه رجل فاسق يشرب الخمر، وأن الصلاة خلفه لا تجوز، وقرئ المحضر بحضرته.