للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنظار، وشرعوا فى المحاققة، وكان التاج الطويل مستوفى الدولة حاقق معه كثيرا، وكلما سألوه فصلا من الأموال أجاب عنه ناصر الدين، وإذا أنكروا المصروف أخرج لهم خصمه بالشواهد، فأبطل كلامهم وأدحض صحتهم، فتزايد الكلام بينهم إلى أن قال التاج الطويل: يا ناصر الدين مال السلطان ما يؤخذ بالفجور. فقال ناصر الدين: ويلك أنتم أكلتم مال السلطان، وأنتم تقاسمتموه، ثم نهض واقفا، ثم قال للأمراء: وحق نعمة السلطان هؤلاء هم الذين أكلوا مال السلطان، فسلمونى إياهم آخذ منهم ثلاثمائة ألف دينار للسلطان، واكتب خط يدى بذلك. فقال له التاج الطويل: يا ناصر الدين بقيت تأمر وتنهى، لو طلعت رأسك إلى السماء أنت عندى ضامن (١) بتقارير مكتوبة عليك مثل سائر الضمان، فلما سمع بيبرس بذلك غضب فقال: والك ما كفى كذبكم حتى تجعل أميرا من أمراء السلطان مثل الضامن الذى يأكل المقارع؟، والله ما يأكل مال السلطان غيركم يا مناحيس يا كلوب، فنهزه وأشار بقيامه من المجلس.

وكان فى المجلس من الأمراء: الأمير سيف الدين سلاّر، والأمير برلغى، والبغدادى، وأيبك الخزندار، وبكتمر الخزندار، وغيرهم، فلما رأوا أن بيبرس مال عليه، وشدّ من ناصر الدين، مالوا معه عليه، وشدوا من ناصر الدين، ثم التفت إلى ناصر الدين وقال له: اعلم ما تقول إنك تحمل من جهتهم المبلغ الذى ذكرته. قال: نعم يا خوند وأكثر مما قلت، ثم قال الأمير بيبرس للوزير


(١) الضامن: الملتزم الذى يتولى لحسابه جمع ضريبة أومكس، ويضمن فى مقابل توليه ذلك مبلغا من المال يدفعه إلى الجهة المختصة فى أوقات محددة كل سنة - المواعظ والاعتبار ج‍ ١ ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>