والحجاب: اجمعوا جميع الدواوين وسلموهم له يفعل فيهم ما يختاره، ويطالبهم بالحساب والمال، وإذا لم يقم بالذى قاله أخذته من أجنابه.
وما بقى مستوفى ولا كاتب ولا متصرف ولا معين ولا مشد حتى سلّم إليه، غير القاضى تاج الدين بن السنهورى، والقاضى شهاب الدين بن الواسطى، فإنهما كانا ناظرين فى ذلك الوقت، وكانا محترمين لأمانتها.
ولما جمعهم ناصر الدين عنده طلب منهم حساب ثلاث سنين، ورسّم عليهم، وضيق عليهم، وخصوصا على التاج الطويل فإنه أهانه ونكل به، فما مضى عليهم أيام يسيرة حتى أظهر فى حقهم أموالا كثيرة من حاصل الأهراء والقنود والدواليب وغيرها، وعرف الأمراء بذلك، وقام معه ابن سعيد الدولة وعرّف الأمير بيبرس فى الباطن أن ناصر الدين ظهر عليهم، وكان كلامه عند بيبرس مقبولا، فتحدث بيبرس مع سلار والأمراء، وشكر من فعل ناصر الدين، فرسموا له باستخراج الأموال منهم وعقوبتهم، فعند ذلك شدّ عليهم ناصر الدين، فشرعوا فى تحصيل الأموال وتبع موجودهم، ثم سعوا عند أكابر الأمراء حتى دخلوا على ناصر الدين [٣٢٢] بأن يلطف فى أمرهم، وحذّره بعض الناس أيضا عاقبة أمرهم، وعرف ناصر الدين للأمير بيبرس أنه حمل من جهتهم لبيت المال ثلاثمائة ألف درهم، وهى التى وجد لهم.
فحاصل الأمر لما كثر عليه الشفاعات رسم بالإفراج عنهم، وأعيدوا إلى مباشراتهم ووظائفهم، وكان الوزير هو الأمير عز الدين البغدادى، وكان بينه وبين ناصر الدين وقعة كبيرة بسبب المباشرين وما جرى عليهم، وأراد أن يعزل نفسه عن الوزارة، ولم يجد سبيلا لذلك، غير أنه سأل أن يحج فى خدمة