للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طائفة، فلما تكاملوا قتلهم التتار عن آخرهم، ثم مدّوا الجسر، وعدّى بيجو ومن معه، وبذلوا السيف فى بغداد وهجموا دار الخلافة، وقتلوا كلّ من فيها من الأشراف، ولم يسلم منهم إلا من كان صغيرا فأخذ أسيرا، ودام القتل والنهب فى بغداد أربعين يوما حتى صار الدم فى الأزقة كأكباد الإبل، ثم نودى بالأمان (١).

وفى تاريخ ابن كثير: ولما قتلوا هؤلاء السادات مالوا على البلد، فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل [٣٩٥] كثير من الناس فى الآبار وأماكن الحشوش وقنى الوسخ ويكمنون فيها ولا يظهرون، وكان جمع من الناس يجتمعون فى الحانات ويغلقون عليهم الأبواب فيفتحها التتار إما بالكسر أو بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالى المكان، فيقتلونهم على الأسطحة حتى تجرى الميازيب من الدماء فى الأزقة، وكذلك فى المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى، ومن إلتجأ إليهم، وإلى دار الوزير محمد بن العلقمى الرافضى، عليه ما يستحق.

وعادت بغداد، بعد ما كانت أنس المدن كلها، كانها خراب، ليس فيها أحد إلا القليل من الناس، وهم فى خوف وجوع ولإلّة وقلّة.

وقد اختلف الناس فى كمية من قتل ببغداد من المسلمين فقيل: ثمانمائة ألف نفس، وقيل: ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل: بلغت القتلى ألفى ألف نفس، وقتل مع الخليفة ولده الأكبر أبو العباس أحمد، وله خمس وعشرون سنة، ثم قتل ولده الأوسط أبو الفضل عبد الرحمن، وله ثلاث وعشرون سنة،


(١) لم يرد هذا النص فى أجزاء نهاية الأرب والمطبوعة الموجودة بين أيدينا - انظر ج‍ ٢٣، ج‍ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>