وأسر ولده الأصغر مبارك، وأسرت إخوته الثلاث فاطمة وخديجة ومريم، وأسر من دار الخلافة من الأبكار ما يقارب ألف بكر فيما قيل، والله أعلم.
وقتل استادار الخليفة الشيخ الفاضل محيى الدين بن يوسف الشيخ أبى الفرج ابن الجوزى وكان عدوّ الوزير بن العلقمى، وقتل أولاده الثلاثة عبد الرحمن وعبد الله وعبد الكريم، وأكابر الدولة واحدا بعد واحد، منهم: الدوادار الصغير مجاهد الدين أيبك، وشهاب الدين سليمان شاه، وجماعة من أمراء السنة وأكابر البلد.
وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بنى العباس، فيخرج بأولاده ونسائه، فيذهب به إلى مقبرة الخلال تجاه المنظرة، فيذبح كما تذبح الشاة، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه.
وقتل شيخ الشيوخ مؤدب الخليفة صدر الدين على بن النيار، وقتل الخطباء والأئمة وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور [٣٩٦] ببغداد، وأمر الوزير بن العلقمى بأن تعطل المساجد والجوامع والمدارس والربط ببغداد ويستمر بمحال الروافض، وأن يبنى للرافضة مدرسة هائلة، ينشرون فيها علمهم، فلم يقدره الله عزّ وجل على ذلك؛ بل أزال نعمته عنه، وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة، واتبعه ولده فاجتمعا - والله أعلم - فى الدرك الأسفل من النار.
ولما انقضى أمد المدّة المقدّرة، وانقضت الأربعون يوما، بقيت بغداد خاوية على عروشها، ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس، والقتلى فى الطرقات كأنها التلول، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت البلد من جيفهم،