للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتغير الهواء، فحصل بسببه الفناء والوباء الشديد، حتى سرى وتعدى فى الهواء إلى بلاد الشام، فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح، فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون.

ولما نودى ببغداد بالأمان خرج من كان تحت الأرض بالمطامير والقنى والمغاير كأنهم الموتى إذا نبشوا من القبور، وقد أنكر بعضهم بعضا فلا يعرف الوالد ولده، ولا الأخ أخاه، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سلف من القتلى.

وكان رحيل هلاون عن بغداد فى جمادى الأولى من هذه السنة إلى مقر ملكه، وفوّض أمر بغداد إلى الأمير على بهادر، فوّض إليه الشحنكيّة (١) بها إلى الوزير مؤيد الدين ابن العلقمى، فلم يمهله الله تعالى حتى أخذه عزيز مقتدر فى مستهل جمادى الآخرة، كما سنذكره فى الوفيات إن شاء الله، فولى بعده الوزارة ولده عزّ الدين أبو الفضل، فألحقه الله بأبيه فى بقيّة هذا العام.

ويقال: إن هلاون عزم على إحراق مدينة بغداد لما أراد الرحيل عنها، فقال له كتبغا نوين إنّ هذه المدينة أمّ المدن ومقصد التجار، فإذا أبقاها الملك حصل له منها مال جزيل، فأبقاها وشحّن (٢) عليها، وسار عنها إلى الفرات (٣).


(١) الشحنكية: وظيفة يتولاها الشحنة، وهو صاحب الشرطة، أو متولى رئاسة الشرطة - دوزى.
(٢) أى عين عليها شحنة - صاحب شرطة.
(٣) انظر البداية والنهاية ج‍ ١٣ ص ٢٠١ - ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>