للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين أرضاهم بظلم عباده، وعجل له عذاب الدنيا قبل عذاب معاده، فلله در القائل (١):

وابغ رضى الله فأغنى الورى … من أسخط المولى وأرضى العبيد

قلت: وناصر الدين المذكور كان من أولاد القاهرة فقيرا (٢)، وكان يتكسب بخياطة الكوافى والاقباع، ثم امتدت به أسباب الأطماع، فصافر مع الفقراء المجردين، ووصل إلى بلد ماردين، واتفق إلمامه بابن الصاحب، وهو الأمير شمس الدين محمد المعروف بابن التيتى (٣)، وحضر معه إلى الديار المصرية عند تردده فى الرسلية من جهة أحمد (٤) سلطان بن هلاون فى الدولة المنصورية، ولما أقام شمس الدين المذكور بالأبواب السلطانية أقام المذكور وتظاهر بالجندية، وأعطى مبلغا مرتبا على ساحل الغلة بالقاهرة ومصر، فما لبث أن تحدث فى المعاملة حديثا كثيرا، وأظهر فصولا وأبدى فضولا، وألزم بها لمقطعها ضمانا، وحدد فيها رسوما ظلما وعدوانا، ثم توصل حتى أنه باشر شدّ الدواوين، وانتقل منه إلى ولاية القاهرة، ومنها إلى ولاية الخاص بالجيزيّة، ثم طمحت نفسه إلى الإمارة، وسوّلت له طلب الوزارة، فبذل بذولا قرّرها، ووعد أرباب الدولة وعودا كرّرها وكثّرها، فتولى الوزارة كما ذكرنا، وآثر فيها ما شرحنا، ولم يخل من تفتيق مظلمة وتجديد حادثة مؤلمة، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، وأولاه


(١) «فلله القائل» - فى زبدة الفكرة (مخطوط) ج‍ ٩ ورقة ٢٤٢ أ.
(٢) «أصله من بلاد ماردين» - السلوك ج‍ ٢ ص ١٤.
(٣) هو: محمد بن محمد بن عقيل بن سالم بن عقيل بن التيتى، المتوفى سنة ٦٩٣ هـ‍/ ١٢٩٣ م - انظر الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ٢٤٨.
(٤) هو: أحمد سلطان تكدار بن هولاكو، الذى ولى أمر السلطنة ببلاد التتار سنة ٦٨١ هـ‍/ ١٢٨٢ م وتوفى سنة ٦٨٣ هـ‍/ ١٢٨٤ م - المنهل الصافى ج‍ ٢ ص ٢٥٤ رقم ٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>