فسار، [٣٩٨] فلما وصل إلى هلاون أوقف بين يديه حاملا كفنه على كتفيه، وقدّم هداياه فقبلها منه وأقبل عليه، وقال لمن حضره من أكابر الخانات ومقدمى التمانات: هذا رجل عاقل ذو سياسة، ثم خلع عليه وكتب له يرليغ بتفويض مملكة الموصل إليه على قاعدته، فعاد إلى بلده ومعه يرليغ، وفرح الناس به فرحا شديدا إلا أنه لم تطل أيّامه حتى مات، على ما نبينه إن شاء الله تعالى.
ومنها: أن الملك الناصر يوسف صاحب دمشق، أرسل ولده الملك العزيز إلى هلاون مسالما وصحبته الهدايا الكثيرة، والتحف النفيسة، مقتديا فى ذلك بصاحب الموصل، فلما وصل إليه قبل تقدمته وسأله عن سبب تأخير والده عن الحضور إلى الأرد، فاعتذر إليه بأنه لم يمكنه مفارقة البلاد خوفا عليها من عدّو الإسلام الذى فى الساحل، فأظهر له أنه قبل عذره وأعاده إلى والده.
ومنها: أن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل كان قد أرسل إلى هلاون من قبل مبدأ خروجه إلى العراقين ولده الملك الصالح ركن الدين إسماعيل بهدايا، فاجتمع به وسار من عنده إلى منكوقان أخيه إلى الأردو، فأكرمه، وقرّبه، وبقى عنده مدة، وزوجه بابنة خوارزم شاه التى أخذت عند مقتل أبيها، فلما أقام عند منكوقان وأبطأ خبره على أبيه أرسل أخاه سيف الدين إسحاق وولده علاء الملك لكشف خبره، وجهّز معهما هديّة أخرى إلى هلاون، فتوجّها وعادا وأخبرا بسلامته وقرب عودته، فعاد بعدهما بقليل ومعه اليرليغ، وفرح الناس برجوعه سالما، وزيّنت الموصل فرحا به، وتوجه إلى ميافارقين، وحضر حصارها وعاد عنها، وجهزّ أخاه وولده لمساعدة مقدّمى التتار على الحصار.