للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وها هنا نادرة لطيفة وهى ان بدر الدين لؤلؤ لما طلب التوجه إلى هلاون جاء إليه أعيان أهل الموصل وأكابر دولته وقصدوا تعويقه حذر الإيقاع به، فقال لهم: لا تخشوا على منه فإنى راج أن أتمكن منه وأعرك أذنيه، وسار، وكان قد هيّأ حلقتى أذن ذهبا [٣٩٩]، وفيهما درتان من الدرّ النفيس، كل منهما يضاهى الدرر اليتيمة ويناهزها فى جلالة القيمة، فلما فرغ من عرض تقادمه بين يدى هلاون، فقال له: قد بقى معى شئ أحضرته خاصا للقان قال:

وما هو؟ قال: هاتان الحلقتان وهما تصلحان للآذان، ومن عادة ملوك التتار أن يتخذوا فى آذانهم الجوهر، فلما رآهما هلاون استحسنهما كثيرا فقال: يأمرنى القان أن أجعلهما فى أذنيه، فأعلم رضاه عنى ويحصل لى تعظيم بين الملوك، فأصغى إليه أذنيه فأمسكهما بأصبعيه ووضع الحلقتين فيهما، وأومأ إلى من كان معه مشيرا إليهم أنى قلت لأهل الموصل قولا وقد حققته فعلا، وعاد من عنده محترما مكرما.

ومنها: إن هلاون أرسل أرقطو (١) أحد المقدّمين بتمان إلى أربل لأنه كان عند عبوره عليها قصد التعرض إليها فقال أهلها: نحن مطيعون، فسار عنها، ثم أرسل هذا المقدّم ليتسلّمها فنازلها بعنف وعسف، فأغلق أهلها الأبواب وتمنعوا، فحاصرها التتار ستة أشهر حتى هجم عليهم الحرّ وأصابهم من الوخم الضرّ، فرجعوا عنها، فسلمها أهلها إلى شرف الدين الكردى ورحلوا بأولادهم وأموالهم إلى حيث شاءوا، ثم خرج نائب الخليفة بها وهو الصاحب تاج الدين بن الصلايا، وتوجه إلى هلاون، فقتله ظنا منه أنه الذى امتنع من تسليمها، ولم يكن كذلك؛


(١) «أرقيو نويان» - فى جامع التواريخ المجلد الثانى الجزء الأول ص ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>