للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنا سريعا، أو ترسل إلينا وتعلمنا ماذا نفعل لأنهم خلق كثير. فلما سمع جوان شير بذلك طلب أخاه دوباج وزكايون وقال لهما: إنى قد عولت على أمر.

فقالا: ما هو؟ فقال: أسير إلى رأس الدربند بمن معى، وكان معه أربعمائة رجل، ومع التوكل ستمائة، فأضرب مع العدوّ رأسا فى الدربند فى آخر النهار، ثم أظهر لهم الإنهزام، فيتحققون منا الإنكسار ولا يتبعوننا من وجهين:

أحدهما: إقبال الليل وهجوم الظلام وهم لا يعرفون حال تلك الأرض.

والآخر: يستخفون بنا لقلتنا ويستحقرون شأننا، ثم آخذ أنا بقية الجيش الذين عند توكل ونطلب موضع مقدمهم، ويكون رجاله قد تفرقوا لأجل طلب الكسب، فآخذهم بعون الله تعالى. فقالوا له: أفعل ما بدا لك. فأخذ أربعمائة فارس، وسار بهم تحت الظلام فى تلك الليلة وصبيحة الغد، وأما توكل فإنه لما أصبح ثار عليه غبار حتى سدّ الدربند وعلا على عنان السماء، ثم انكشف عن خيل قد سدّت الأرض بكثرتها وأظلمت الدنيا من غبرتها.

ولما رأت المغل رجال العجم تقدمت كالعقبان، وصاح توكل على رجاله فكبروا، وذكروا النّبى صلى الله عليه وسلم، ثم حملوا، ورشّت المغل السهام عليهم كالمطر، واختلطت الخيل بالخيل، فصار النهار كالليل، وكان مقدم هؤلاء المغل شخص يقال له: دمندار، فلما رأى ما حل بهم من العجم نبه رجاله، وصرخ [٣٥٦] فى إبطاله، فحملت المغل حملة رجل واحد، فبينما هم فى الحرب الشديدة، إذ وصل من المغل تومان مع شخص يسمّى نوين رمضان، فرأى الحرب فى عمل عظيم، فعند ذلك تأخرت العجم وقد كثر عليهم الرجال، ولما رأى ذلك توكل كشف رأسه وزعق: إلى أين يا لئام؟ تسلمون البلاد إلى هؤلاء الأوغاد؟ أما لكم نخوة الكرام؟، ثم نادى: يا لدين محمد صلى الله عليه وسلّم،

<<  <  ج: ص:  >  >>