حتى وصل إلى حلب، وعلم قراسنقر بقدومه فطلبه إليه، فلما حضر قرّبه وأدناه، ولما خلا به حدّثه وسأله لما جاء به، فقال: جئت حتى أصلح بين الملك الناصر وبين خربندا بحيث أن لا يعلم بذلك أحد غيره، وفى الحال أرسل قراسنقر بريديا إلى الملك الناصر يعلم بذلك، وبعد قليل جاء البريدى وطلبه إلى دمشق، فجهز قراسنقر معه جماعة يخدمونه إلى دمشق، ودخلها فى يوم مشهود لأنه قد كان وقع صيته بين الناس بأن شيخا جاء من بلاد التتار يركب السبع، واجتمع خلق كثير عنده إلى أن دخل ميدان دمشق إلى القصر الأبلق، وحوله أصحابه، وكان نائب السلطان الأفرم جالسا فى شباك القصر الذى يشرف على الميدان، وحوله أمراء دمشق مثل: بهادر رأس نوبة، وقطلبك الشيخى، وبكتمر أمير آخور، والبدرى، وقطلوبك الوشاقى، فلما رآهم براق زمجر وأخذه حال الفقراء، وحمل عليهم يطلبهم، وكان فى الميدان طير نعامة لها أربع سنين يربّونها فى الميدان، فلما رأت الشيخ براق حملت عليه، وقبضت بفمها على رقبته، وكادت أن تقصفها، وأرمت براق تحته وبركت فوقه، ولو لم يدركه الرجال لمات براق تحته، فتعجبت الناس منه، وعلم براق أن هذه عبرة ليعتبرها، فأسرّها فى نفسه، ثم لما قام [٣٧٠] تقدم إلى الأفرم وسلّم عليه، وكذلك سلّم على الأمراء، فقال له بهادر آص: أش هذا يا براق؟ أنت تقول: إنك تركب الأسد فى خراسان، فهذا طير من طيور الشام عمل بك ما حارت به الأوهام، ولكن أزل ما قلبك، واستغفر ربك، وتأدب مع رجال الشام، ثم إن بهادر آص حقق النظر فيه، فإذا هو محلوق الذقن، وقد عفى عن شواربه، وفى رقبته خيوط من صوف الأغنام، وفيها كعاب البقر والغنم والأحراش. فقال له: إش هذا؟ هو دينك.
فقال يا أمير: المملوك رجل فقير من جملة فقراء المسلمين. فقال له بهادر