فقال: لا غنى عن ذلك، ثم قال توكل: فإن كان لا بد من ذلك فأنا ما أروح مع هؤلاء، ولا أنقطع عنك، وسألتك بالله العظيم أن لا تحرمنى الغزوة فى هذه النوبة فقال جوان شير: أين الفارس منكلى؟ فأجابه بالتلبية. فقال له: سر بهؤلاء، فسار منكلى بهم.
ورجع جوان شير وأصحابه طالبين دشارات المغل، فسار فى ذلك اليوم والثانى وعند آخر النهار أشرف على قنغر أولان وإذا عليها عساكر قد سدت تلك الأراضى، ونصبت خيام وقباب لا تحصى، ودشارات الخيل والجمال سارحات فى البرية، فلما عاين جوان شير ذلك أكمن بأصحابه فى جانب من العسكر بين كثبان رمل إلى أن ولّى النهار وأقبل الليل، ولما أظلم الليل قام ومعه أصحابه وقصدوا موضع الدشارات فأتوها وهى سارحة، والرعاة نيام لكونهم آمنين فى هذا الموضع، فضربوا عليها الحلقة، ومن الغرائب أنهم وقعوا بدشار خربندا من خيوله الخاص التى يعتمد عليها، وخيل الأمراء أيضا، وهى سبعة آلاف حصان، ثم ساقوها من بعد ما تمكنوا من قمم الرعيان، وقال للدليل: افتح عينك واسلك طريق السلامة ولا تخف، فها نحن خمسون فارسا خلفك، ثم ساروا والخيل أمامهم وجوان شير وراء الكل، ولم يزالوا سائرين إلى الصبح، فما أصبحوا إلا فى أراضى بعيدة.
ثم علم بذلك المغل وبلغوا الخبر لخربندا بأن جوان شير ساق الدشارات، فماجت عساكره، وركب خربندا وقد خفق فؤاده، وطار رقاده، وكان إلى جانبه رشيد الدولة الوزير، [٣٨٤] وسعد الدين، وقدامه جوبان، وأتته أمراء الألوف من كل جانب، ولم يزالوا واقفين إلى طلوع الفجر، وكان