ولا يعبأون بتغييرات الأحوال، يرون الموت مغنما إن صادفوه، وسبا المرهف مكسبا إن صافحوه، لا يشربون سوى الدماء مدامة، ولا يلبسون غير الترايك غمامة، ولا يعرفون طربا إلا ما أصدره صليل الحسام من غنى، ولا ينزلون قفرا إلاّ ونبت ساعة نزولهم قنا.
ولما وثفنا منه بإيفادهم راجعنا رأينا الشريف فاقتضى أنّ يكاتب من بسط يده فى مهالكها، واحتاط على جميع مسالكها، واتخذ أهلها خولا، وأبدى فى خلال ديارها من عدم سياسته خللا، برز مرسومنا الشريف النبوى أن يكاتب من قعد على تخت ملكها، وتصرف فى جميع أمور دولتها، فطولع بأنه ولد السلطان الملك المظفر يوسف بن عمر الذى له شبهة تمسك بأذيال المواقف المستعصمية، وهو مستصحب الحال على زعمه، أو ما علم الفرق بين الأحياء والأموات، أو ما تحقق الحال التى بين النفى والإثبات، أصدرناها إلى الرحاب الثغرية، والمعالم اليمنية، نشعر من تولى فيها فاستبد، وتولّى كبره، فلم يعرج على أحد أن أمراء اليمن ما برحت نوابنا، تحكم فيه بالولاية الصحيحة، والتفويضات التى هى غير جريحة، وما زالت تحمل إلى بيت المال المعمور ما يمشى به الجمال وئيدا، وتقذفه بطون الجوارى إلى ظهور اليعملات وليدا، ويطالعنا بأمر مصالحه ومفاسده، ومجال معاهده ومعاهده، ولك أسوة بوالدك فلان، هلاّ اقتضيت ما سنّه من آثاره، ونقلت ما دونته أيدى الزمن من أخباره.
واتصل بمواقفنا الشريفة أمور صدرت منك:
منها: وهى العظمى التى ترتب عليها ما ترتب: قطع الميرة عن البيت الحرام، وقد علمت أنه واد غير ذى زرع، ولا يحلّ لأحد أن يتطرق إليه بمنع.