للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلك أحكامنا مخروطا، وقلّدنا من أمر الخلافة المعظمة سيفا طال نجاده، وكثر أعوانه وأنجاده، وفوّض إلينا أمر الممالك الإسلامية، فإلى حرمنا تجبى ثمراتها، ويرفع إلى ديواننا العزيز نفيها وإثباتها، يخلف الأسد اذا مضى فى غابه شبله، ويلقى فى الخبر والخبر مثله.

ولما أفاض الله علينا حلة الخلافة، وجعل محلّنا الشريف محل الرحمة والرأفة، وأفعدنا على سدّة خلافة طالما تشرفت (١) بالخلائف من آبائها، وابتهجت بالسادة الغطاريف من أسلافنا، وألبسنا خلعة من ملابس السؤدد مصبوغة، ومن سواد العيون وسويداوات القلوب مصوغة، أمضينا على سدّتنا الشريفة أمر الخاص والعام، وقلّدنا كل إقليم من عملنا من يصلح سياستها على الدوام، واستكفينا بالكفاة من عمالنا على أعمالنا، واتخذنا مصر دار مقامنا وبها سدة مقامنا لما كانت فى هذا العصر قبة الإسلام، وقبة الإمام، وثانية دار السلام، تعين علينا أن نتصفح جرائد أعمالنا، ونتأمّل نظام عمالنا، مكانا فمكانا، وزمانا فزمانا، فتصفحاها فوجدنا قطر اليمن خاليا من ولايتنا فى هذا الزمن، عرّفنا هذا الأمر من اتخذناه والممالك الإسلامية عينا وقلبا، وصدرا ولبا [٣٩١] وفوضنا إليه من الممالك الإسلامية فقام فيها قياما ما أقعد الأضداد، وأحسن فى ترتيب ممالكها، فهابه الإصدار، وغاته الإيراد، وهو السلطان الأجل السيد الملك الناصر، لا زالت أسباب المصالح على يديه جارية، وسحابة الإحسان من أفق راحته سارية، فلم يعد جوابا لما ذكرناه، ولا عذرا عما أيديناه إلا بتجهيز شرذمة من جحافله المشهورة، وتعيين أناس من فوارسه المذكورة، يقتحمون الأهوال،


(١) «أشرفت» فى زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>