للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما دار بيننا من الحديث: إن السلطان قد قوي عزمه على السفر قاصدًا الحجاز، ولا بد له من التوجه إلى الكرك في طريقه، وربما أنه نوى الإقامة بها، فإذا جرى الأمر على هذا فكيف التدبير؟ وما عندكما من الإشارة للمستشير؟ (١)

قال بيبرس: فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت إقامته بمدينة يثرب عامة الأيام، وهي وإن عظمت ذكرًا وكرمت قدرًا من أصغر المدن وفي جانب من الحجاز، وكان الناس على طاعته، ولم يمنع [إقامته] (٢) بها مِنْ متابعته، ثم خلفاؤه من بعده: الإمام أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان مقامهما بها واحدًا بعد واحد، وكانت عمالهما بالعراقين وخراسان ومصر والمغرب والشام وبعوثهما تفتح البلاد، وكل هذه الأقطار وشاسع الأمصار يؤدون إليها الطاعة ويحملون إليهما الأخماس والأفياء على بعد المسافة، وأمرهما نافذ بالرسائل والرسل، ولم يتوقف شيء من أمور الخلافة لبعد الشُّقة. ولا تعذَّر رسم من رسوم الإمامة لصغر موضع الإقامة، فلو فرضنا إقامة [الملك الناصر] (٣) بالكرك في مملكته، وأنتما وسائر نوابه مستمرون على طاعته وامتثال إشارته واستمرار خطبته لجاز ذلك والنظام مستمر، والحال مستقر، وانقضى الخطاب بيننا في هذا الباب (٤).

وفي نزهة الناظر: استولى الأمير سلار والأمير بيبرس الجاشنكير على الملك، وطمعت الناس في الأجناد، وأيّ أمير لا يطاوعهما على ما يريدان شيعاه إلى الشام، وهلكت أجناد الحلقة، وسَلَّما الشام للأمير أفرم، فاشتغل هو ليلًا ونهارًا [بشرب] (٥) الخمر والصيْد ولا يفكر في مصلحة الناس، ولم يكن عنده ديانة من الله ولا


(١) زبدة الفكرة ٤٠٣.
(٢) إقامه: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٣) إضافة للتوضيح
(٤) ينظر ما ورد عن هذا الاجتماع في زبدة الفكرة ٤٠٣ - ٤٠٤، التحفة الملوكية ١٨٧ - ١٨٨، حيث يوجد اختلاف في بعض الكلمات لا يغير من المعنى.
(٥) يشرب: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>