للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق إلى ديار مصر مجدبة والمسالك إليها في هذه السنة مستصعبة، وعرض عليه أن يجعل الجهاد في هذا العام والحج قابلًا، فأطاعه، وجهزه إلى جزيرة جربه، وهذه الجزيرة من عمل قابس، ومشى فيها يوم واحد، وهي في وسط البحر، ولها مخاضة متصلة ببرها السالك إليها، ودَوْرُها ستة وسبعون ميلًا، وكانت في يد المسلمين إلى سنة ثمانين وستمائة، فخرجت عن أيديهم واستولى عليها الفرنج كما قد ذكرناه فيما مضى (١)، فلما كان في هذه السنة أرسل أهلها يسألون صاحب تونس إنجادهم ويلتمسون إمدادهم، فجهز إليهم أبا إدريس المذكور، وجهز معه قائد البحر واسمه ابن يعقوب ومعه اثنتي عشرة قطعة مشحنة بالرجال، فوصولها في أوائل هذه السنة، وشرعوا في حصارها ومضايقتها، وكان محمد بن السُّمُوّ من أحد شيوخها، قد توجه يستنجد فرنج صقلية كما ذكرنا، فمات بصقلية، وقام أخوه أبو نوح مقامه، فأقام أبو إدريس ومن معه على حصارها حتى أدركهـ الشتاء، فرجع قائد البحر بقطائعه إلى تونس، وبقي أبو إدريس على جربه إلى أن (٢) بلغه أن شواني (٣) صقلية قد أقبلت إليها من جهة ابن المزاليا (٤)، فانصرف عنها لقلة مَنْ كان معه من المسلمين وعاد إلى تونس، فصادف رسل الأبواب الشريفة علاء [الدين] (٥) التليلي وعلاء الدين الخوارزمي ومن معها قد عادوا من المغرب وهم في تونس سائرون إلى الديار المصرية، فسار معهم ووصل إلى الأبواب السلطانية، ودخلت شواني صاحب صقلية إلى جربة واستولت عليها.

ومنها: أنه وقعت الوحشة بين الملك الناصر والملك المظفر وذلك أن الناصر لما دخل الكرك سأل عن الأموال الحاصلة بها، فأحضر جمال الدين أقوش بها أوراقًا


(١) ينظر ما سبق بعقد الجمان ٤/ ١٤٤، وزبدة الفكرة ٢١٢، ٣٥٥.
(٢) أن: ملحقة بين الأسطر في الأصل.
(٣) شيني - شواني: السفينة الحربية الكبيرة،، ينظر السفن الإسلامية على حروف المعجم ٨٣ - ٨٥.
(٤) هكذا بالأصل، ووردت: المراليا: في زبدة الفكرة، وشرحها المحقق بقوله: المراليا: مشتقة من Ammiraglio ، والمقصود Roger di Lauria صاحب صقلية، وابنه هو أيضًا Roger ، ينظر هامش ١٠ من زبدة الفكرة ٣٥٥.
(٥) إضافة مما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>