للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تمكنوه من الجواز، وكان والى قطيا قد جمع عربانًا كثيرة قريب ثلاثة آلاف نفس، فلما رآهم نغيه قال لأصحابه: احملوا عليهم وبادروهم حتى لا يأخذهم الطمع فيكم وتأتي الخيل التي وراءنا، فحملوا عليهم، وكان مقدم القوم نوفل بن حايس البياضي، فحمل بخمسمائة فارس وعليهم اللبوس وحملت الأتراك، فوقع بينهم قتال عظيم، فترجحت الأتراك، عليهم وولت العرب هاربين، وطلبوا البراري والقفار، ولحق نُوغيه والى قطيا وطعنه برمح فألقاه في الأرض وأخذه أسيرًا، ثم رجعت الترك من خلف العرب بعد ما لّموا الخيل الشاردة، وأما سُمُك بعسكر مصر فلم يزالوا يتبعونهم منزلة بمنزلة حتى وصلوا إلى قطيا فرأوها خرابًا، وسمعوا ما جرى بين نُغيه وبين العرب، فقال للأمراء: الرأي عندي أن تسيروا إلى غزة وتشاوروا نائب غزة وتدبروا أمرًا يكون فيه المصلحة، [فساروا] (١) إلى غزة فلقاهم نائبها البدري (٢)، وأنزلهم على ظاهر غزة، ونقل إليهم جميع ما يحتاجون إليه، فقال له سُمُك: نحن ما جينا إلا لأجل نُغيه، وإنه من العريش سار يطلب الكرك، فما رأيك فينا؟ فهل نسير إلى الكرك أو نرجع من ها هنا؟ فقال لهم البدرى: رواحكم إلى الكرك ما هو مصلحة، وأنتم حين خرجتم من مصر سائرون وراءهم ورأيتموهم في الطريق فما قدرتم عليهم، وقد وصلوا إلى الكرك وانضموا إلى الملك الناصر، وازدادت قوتهم أكثر فأكثر، والرأي عندي أن ترجعوا إلى مصر وتقولوا للسلطان: ما كانت المصلحة في تغليظ الكلام على نُوغيه، والرأي عندي مداراته بكل ممكن وأنا أعرف الناس به، وينبغي أن لا [يتعرض] (٣) السلطان إلى خبزه ولا إلى بيته، فباتوا تلك الليلة في غزة، ولما أصبحوا ركبوا وساروا طالبين مصر.

فلا تمثل سُمُك بين يدي المظفر أخبره بجميع ما جرى في الطريق، وأن نائب غزة أشار عليهم بالرجوع إلى السلطان، فلما سمع المظفر بذلك انزعج واحترق قلبه وأمر


(١) فساووا: في الأصل.
(٢) هو: بلبان بن عبد الله البدرى، الأمير سيف الدين، ولي نيابة غزة في أيام المظفر فيما بين سنتي ٧٠٩ - ٧١٠ هـ، وتوفي سنة ٧٢٧ هـ/ ١٣٢٧ م: الدرر الكامنة ٢/ ٢٥ رقم ١٣٢٩.
(٣) يعترض: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>