للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعتق والإحسان من قديم الزمان، [وما] (١) أظنكم ترضون لي بهذا الهوان، فإما أن تكفوا عنى هؤلاء المتغلبين الأشرار، وإلا فأنا ألتجئ إلى بلاد التتار، فهو خير لي من النفي إلى بلاد الكفار.

وأرسل بالكتب المذكورة جنديًا يسمى تاج [الدين] (٢) أوران، [وكان] (٣) يخدم مع النواب بالكرك، معى (٤) أولًا، ثم مع الأمير جمال الدين أقوش الأشرفي، وبقي مقيمًا هناك، وله إلمام بالصيد ومعرفة بمظانه، فألم بالركاب الشريف في أوقات التصيد، وصار له بين يديه ادلال التردد، فأنس به، فلما كان في شهر رجب من هذه السنة خرج السلطان إلى الصيد، وقد أضجرته الرسائل التي ترد من جهة الركن إليه، وأحنقه ما أظهره من الحكم عليه، وهجس بفكره أن يلحق ببلاد التتار لكثرة ما استولى عليه من الإضجار، فألقى إلى أوران المذكور بعض ما في نفسه من هذه المعاملة، ويقابله بهذه المقابلة، فقال له أوران: أَرْسِلْني إلى الأمراء سرًا وأنا أتوصل إلى إبلاغهم هذه الرسالة، وإعلامهم بهذه الحالة، ويكون في ذلك بلوغ الوطر والراحة من هذا الخطر، والتوفير من التوجه إلى بلاد التتر، وكان الأمر كما ذكر الشاعر:

إذا اشتملَت على البأس القلوب … وضاق لما به الصدر الرحيب

أتاك على قنوط منك غوث (٥) … يمنّ به اللطيف المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت … فموصول (٦) بها الفرج القريب

وصغى السلطان إلى مقاله، وأرسله بكتب يتضمن هذه الخطوب، فسار إليهم


(١) ولما: في الأصل، والتصويب للتوضيح.
(٢) إضافة من زبدة الفكرة ٤١٦.
(٣) إضافة للتوضيح من زبدة الفكرة ٤١٦.
(٤) مازال الحديث على لسان بيبرس الدوادار.
(٥) عون: في التحفة الملوكية ١٩٥.
(٦) فمقرون: في التحفة الملوكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>