للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك أمر في مصر فكلنا تبع لك موافقون على كل ما تريد، فإذ سمع هذا الكلام فقد أرضيته وما عليك في هذا من ملام، فقال الأفرم: أنا ما أقول هذا الكلام، وليس له عندي إلا السيف إن جاء، ثم إنه طلب ثلاث مقدمين من الحلقة وأعطاهم مائة وخمسين فارسًا وقال لهم: سيروا إلى الزرقاء وطالعوني بكل ما يجري، ثم طلب دنكز وقال له: سر إلى أستاذك وقل له يرجع وإلا يسمع المظفر بما جرى فيمسكك ويحبسك فتبقى تتمنى أن تشبع الخبز ولا ينفعك حينئذ أحد، فإن كان لك رأي فاقبض على نغيه ومَنْ معه وسيرهم إلىّ حتى أسيرهم إلى المظفر، فإن فعلت ذلك فقد انصلح حالك ومشي، ولا تفعل غير هذا فتهلك، وكتب كتابًا مضمونه هذا، وأعطاه لدنكز ورده.

في تلك الليلة: أرسل بيبرس المجنون خلف بيبرس العلمي وزين الدين بن دنداش وصلاح الدين يوسف بن الجوكندار وحلفوا كلهم للملك الناصر، ثم خرجوا تحت ظلام الليل، ولما وصلوا إلى الصنمين (١) رأوا الناس في رجيف شديد يقولون: الناصر نازل على أرحاب (٢)، وهي قرية في طرف البرية خراب، ففرحوا وساروا يطلبونه، فلا أشرفوا عليه وقع صائح جاءت الخيل، فركب السلطان، وركب نُوغيه قدامه كالأسد، والى جانبه مغلطاي، والمماليك حولهم، ثم قال نغيه: يا خوند: مُرني أن أذهب وأكشف هذا الخيل، فقال: افعل، فأخذ معه عشرة أنفس وساروا يطلبون ذلك السواد من الخيل، ولما قربوا منهم عرف نغيه بيبرس المجنون، "فسلم بعضهم على بعض، ثم أرسل نُوغيه شخصًا إلى الناصر يعلمه بقدوم بيبرس" (٣) ومَنْ معه، ثم رجعوا طالبين الناصر.

ولما وقع نظر (٤) بيبرس على السلطان ترجل وباس الأرض، ثم تقدم وباس يده.


(١) الصنمان: قرية من أعمال دمشق في أوائل حوران، بينها وبين دمشق مرحلتان، وهي منزلة من منازل البريد، في الطريق من جينين إلى دمشق، ينظر معجم البلدان، صبح الأعشى ١٤/ ٣٨١.
(٢) أرحاب: منزلة من منازل البريد، في الطريق من حلب إلى بغراس، آخر الحد مما يلي بلاد الأرمن، ينظر صبح الأعشى ١٤/ ٣٨٣.
(٣) ملحق بهامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.
(٤) نظر: في هامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>