فقال له السلطان: ما وراءك؟ فقال: مماليك السلطان: بيبرس العلمي وابن دنداش، وصلاح الدين بن الجوكندار، وتقدم كلهم وباسوا الأرض، ثم إن الناصر خلع عليهم ووعدهم بكل خير، وأعطى كل واحدٍ من الأمراء ألف دينار، ولكل مقدم من الحلقة خمسمائة دينار، ولكل جندي مائة دينار، ثم قال لهم: ما يقول الأفرم؟ لأن دنكز كان قد وصل قبلهم، وقرأ الكتاب الذي سيره الأفرم، وكان قد امتلأ غيظًا، ثم قال: لا غنى له أن يضرب معي مصافًا، فقال بيبرس المجنون: هو أقل وأذل من هذا، والله متى يتحقق الناس بقدوم مولانا السلطان جاء الكل بين يديه على رغم أنفه، ثم قال السلطان: بلغني أنه قد خرج من دمشق ثلاث مقدمين ليكشفوا أخبارنا، فقال: نعم، راحوا إلى الزرقاء ومعهم والى ولاة حَوْرَان.
فطلب السلطان هلال بن ساعد الزبيدي، وقال: قم واكشف لي أخبار هؤلاء وعد سريعًا، فسار هلال وكشف، ثم عاد وقال: هم في ناحية ابن معبد، وبكتمر في حسبان، وخطاب وقطلوبك قد تقدما من الزرقاء، وكأنهم قد أخذوا أخبارنا، وهم خائفون، فأمر السلطان لنغيه أن يأخذ معه خمسين فارسًا ويذهب إليهم، فإن جاءوا طائعين [فيها](١) وإلا فأرسل وأعلمنا بذلك، فقال نغيه: إن جاءوا فقد سلموا وإن امتنعوا ضُربت رقابهم، فسار ومعه هلال بن ساعد طول ذلك النهار، ونزلوا للاستراحة وأكل العليق، ثم ركبوا إلى أن أصبح الصباح فإذا بالقوم وهم نازلون، فضرب عليهم حلقة وصاح نغيه: أنا نغيه، سلموا أرواحكم وإلا فقد هَلَكَت، فتقدم قطلوبك وقال: يا أمير لا تستعجل، فنحن سائرون إلى الناصر، فقال نُوغيه: الآن لكم الأمان، سيروا قدامي.
فساروا كلهم إلى أن وصلوا إلى السلطان، فقال لهم السلطان: إلى أين كنتم رايحين؟ فباس قطلوبك الأرض وقال: خلد الله ملك مولانا السلطان، نحن قد سَيَّرنا الأفرم لنكشف أخبار مولانا السلطان، ورأينا الناس كلهم مع مولانا السلطان، فاتفقنا على المجيء إليه، والمملوك والي ولاة حوران فإن رسم مولانا السلطان أخرج له