للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقامات، وأي وقت قلَّ علينا الشيء ضربت رقبته، ثم رحل السلطان من أرحاب إلى أن نزل على أذرعات، فجاءت أهل حوران جميعها وهم يهللون ويكبرون وعلى رؤوسهم المناسف (١).

وأما الأفرم فإنه بلغه وصول الناصر، فانقطع قلبه، وكتب في الحال إلى الملك المظفر بذلك، وأن أهل البلاد كلها معه، وأن بيبرس المجنون وبيبرس العلمي وجماعة من مقدمى الحلقة قد نفروا إليه، وكثير من الناس يريدون النفور إليه، وأنا خائف من الأمراء الذين عندي في دمشق، وإن لم ترسل نجدة هائلة من مصر وإلا راحت البلاد من يدك، ثم طلب مملوكه أقطوان وقال له: اذهب مسرعًا، فخرج على البريد، ففي اليوم الرابع: تمثل بين يدي المظفر وقدم كتاب الأفرم فقرأه المظفر، ثم طلب سلارا وأوقفه عليه، فكتب إلى الأفرم جوابه يستعجزه فيه ويقول: إش مع الناصر حتى تخاف منه، وكتب كتبًا أيضًا إلى الأمراء يأمرهم فيه بالمطاوعة للأفرم ويحذرهم من المخالفة.

وكان الأمير جمال الدين قتال السبع مجردًا في حلب ومعه الحاج بهادر وبيبرس العلائي من دمشق، فأرسل خلفهم البريد وطلبهم إلى مصر، وكتب أيضًا كتابًا إلى الملك الناصر يقول له فيه: إنه قد وصل إلى كتابك بالشفاعة في نغيه ومغلطاي، وقد قبلنا شفاعتك فيها، ورددنا أخبازهما إليها وزدناهما إقطاعًا، وأمرنا أن يكون إقطاعهما في مصر، وهما مقيمان عندك، وقد تقدم أمرنا إلى نائب الشام بأن يسلم إليك البلقاء وبلد حوران جميعها لعلمنا بأن الكرك ما تقوم بحالك، وأما قولك بأن تسير إلينا تقدمة ومماليكًا فقد أعفيناك من ذلك، والتقدمة والمماليك لك، وأنت ابن أستاذنا على كل حال، وكل شيء تشتهيه في المأكول والمشروب والملبوس فابعث إلى الأفرم واطلبه منه، ولكن ينبغي (٢) أن لا تسمع كلام نغيه ولا كلام أمثاله فيحصل لك الضرر بسببهم، ثم طلب الأمراء جميعهم وقال لهم: ألا ترون ما جرى من الملك الناصر؟ فإنه قد خرج من


(١) المنسف: الغربال الكبير، والمقصود إناء ملآن بالطعام، يفيض من الامتلاء، ينظر المحيط في اللغة، مادة: نسف.
(٢) لا ينبغي: في الأصل، ومشطوب على حرف لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>