للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكرك، فطلب دمشق، وأن بعض أمراء دمشق راحوا إليه، "فتشاوروا في أمره. فقال بعضهم: جرد له عسكرًا وحاصره في الكرك" (١)، فما هو خير من ابن الملك الظاهر بيبرس، وقال بعضهم: هذا ما هو مصلحة، وربما يفسد الأمراء [الذين] (٢) يرجعون إليه، لأن أكثر الأمراء بل كلهم مماليك أبيه وأخيه، فنهض برغلى وقال: يا خوند، أرسل أحدًا إلى الشام يأتيك بالخبر الصحيح، وبعد ذلك أنا أروح إليه وأجيبه، ولو كان معه كل مَنْ في الأرض، فعند ذلك طلب السلطان شخصًا يُقال له: بلاط (٣)، وكان من خشداشيته ويعتمد عليه، وقال له: سر إلى الشام واكشف لي هذه الأخبار على حقيقتها، وكتب معه كتابًا إلى الأفرم وإلى أمراء دمشق، فركب [بلاط] (٤) وسار يطلب الشام.

وأما البريدي الذي خرج قبله وهو مملوك الأفرم، فإنه وصل دمشق ورأى الدنيا منقلبة، والناس يقولون: غدا يعبر الملك الناصر أو بعد غد (٥)، والبريدي سار أولًا إلى أذرعات إلى الملك الناصر وأعطاه كتاب المظفر، فلما قرأه ضحك وطلب الأمراء وقال: المظفر يتناوم ويرى أنه ما سمع بما جرى في الشام، وأعطاني بلد البلقاء وحوران وقَبِلَ شفاعتي في نغيه ومغلطاي، وردّ إليهما أخبازهما في مصر، وهو يحتال عَلىَّ في هذا الوقت حتى أفرق الذين حولى ليبلغ مراده مني، وهذا ما له إليه سبيل، ثم إنه أعطى للبريدي مائة دينار، وقال له: سِرْ، فإذا طلعنا إلى الكرك اكتب جواب الكتاب.

فمضى البريدي يطلب دمشق، لأنه كان رائحًا إلى حلب خلف قتال السبع، وأخذ الأفرم كتابه وقرأه على الأمراء، وإذا قد وصل بلاط فطلعت الأمراء قدامه، وأخرج كتب المظفر للأفرم فقرأها على الأفرم، فباسوا الأرض وقالوا: كلنا ممتثلون أوامر السلطان كما يحب ويختار، فقال لهم بلاط: ما خبر الملك الناصر عندكم؟ فقال الأفرم: هو


(١) في هامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.
(٢) الذي: في الأصل.
(٣) بلاط: كان مقدما عند المظفر بيبرس الجاشنكير، توفي بطرابلس سنة ٧١٨ هـ/ ١٣١٨ م، الدرر الكامنة ٢/ ٢٤ رقم ١٣٢٥.
(٤) بلاد: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق، ينظر ما سبق.
(٥) غدًا: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>