للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تلك الليلة كتب الحاج بهادر إلى قراسنقر، وعرفه بأنه خرج هو وقطلوبك إلى الملك الناصر، ولما أصبحا خرجا بالخيل والجنائب وكلها ملبسة، وكذلك الرجال، فكثر كلام الناس فيهما، فمنهم من يقول: قطلوبك رايح إلى الملك الناصر، وقوم يقولون: هو سائر ليكشف الأخبار ويمسك الطرقات.

ولما خرجا وسارا ونزلا على الجمان، وفي تلك الليلة كتبا كتابًا إلى الملك الناصر يُعلمانه بقدومهما، وسيرا الكتب مع خمس مماليك، فقالا لهم: وأي من لقيتم في الطريق فقولوا له: نحن كشافة قطلوبك، فساروا ليلًا ونهارًا إلى أن نزلوا على ظاهر الكرك.

وأما الأمراء الذين كانوا نازلين على ظاهر الكرك فقد ضاقت صدورهم واجتمعوا مع نغيه، وقالوا له: يا أمير، إننا أصبحنا في هذا المكان، وما لنا من تلتجئ إليه وهذا الملك الناصر قد طلع إلى الكرك وما نظنه يبقى ينزل منها، وأمرنا قد انخرم مع صاحب مصر، وأي وقت وقعنا في يده أشهرنا على الجمال في مصر والشام. فقال لهم نغيه: طولوا أرواحكم، فإذا رأينا العجز من الملك الناصر وطلبنا صاحب مصر سرنا وطلبنا بلاد الشرق لأنها أوسع من هذه البلاد، فتفرقوا على هذا.

وأما الملك الناصر فبينما هو مفتكر في أمر قراسنقر (١) [إذ] (٢) قد دخل إليه أرغون وقال: يا مولاي، إن على باب القلعة خمس مماليك وهم يقولون: إنهم من عند قطلوبك إلى مولانا السلطان. قال: فأمر بحضورهم، فحضروا وأعطوا الكتاب لأرغون، فقرأه على السلطان سرًا وفهم معناه، ثم رفع رأسه وقال لهم: أين خليتم الأمير قطلوبك؟ فقالوا: على أذرعات، وفي الحال أرسل السلطان وراء نغيه والأمراء الذين معه وقرأ عليهم كتاب قطلوبك والحاج بهادر، وفيه أنهما حلفا جميع أمراء دمشق، فصاحوا وباسوا الأرض، وقالوا: ما بقيت لنا عاقة عن الرواح، فقال لهم السلطان: نعم، غير أني منتظر جواب قراسنقر، وهم في الحديث فإذا قاصد من عند (٣) قراسنقر قد حضر فطلبه السلطان وأخذ كتابه


(١) الملك قراسنقر: في الأصل، ويوجد شطب على كلمة الملك، نتيجة لتنبه الناسخ.
(٢) إذا: في الأصل.
(٣) من عند: ملحقة بهامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>