للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقماش، فقال له: وعلى هذا عوّلت، فقال له: متى تروح؟ فقال له: لو رسمت، غدًا، فقال: رُحْ، ولكن خذ معك حمام البلاد، وروح من هنا إلى أذرعات وتبصر المنزلة التي نزل عليها الملك الناصر وتعرفنا بجميع ما جرى له، ولا يبرح معك الحمام والبريد، فقال له: سمعًا وطاعة.

وكان الحاج بهادر لما وصل من حلب كان قد اجتمع بقطلوبك وحدثه بحديث قراسنقر وقفجق وأسندمر، وكانا قد حلفا للملك الناصر، فلما كان هذا اليوم الذي طلب قطلوبك دستورًا للسفر، وكان الحاج بهادر حاضرًا، ولما خرج قطلوبك قال الحاج بهادر: والله، جيد تُسلِّم الريح لأبي زوبعة؟ فقال له الأفرم: وكيف أعمل؟ وهذا أكبر أمراء الشام ولا أقدر على منعه ولاسيما في هذا الوقت، فقال له الحاج بهادر: إذا كان ولا بد منه سَيَّر معه أحدًا من الأمراء يكون عينًا لك عليه، ويعرفك بكل ما يفعل، فقال له الأفرم: فما لهذا الأمر إلا أنت، فقال له: أريد من إحسانك أن تعفينى في هذه النوبة وسَيِّر معه غيري، فقال له الأفرم: لا غنى عن مسيرك معه، فقال له الحاج بهادر: إذا كان ولا بد من مسيري معه خلني أعمل شيئًا حتى لا يُنكر عَلَىَّ قطلوبك، فقال له: وكيف تعمل؟ فقال له أروح إليه وأقول له: إني أشتهي أن أكون معك في الصيد، وأريد أن تأخذ لي دستورًا من النائب، فإذا كان الأمر كذلك فلا ينكر على شيئًا ولا يُخْفِيني شيئًا، فقال له: افعل ما أردت، فخرج بهادر وأتى إلى دار قطلوبك، وإذا به قد فتح خزانة السلاح وأخرج العدد والجواشن (١) والقراقل والخُوذ، فلما رآه قطلوبك قام له، فقال: والله، ما جاء الأمر إلا مثل ما أشتهى، والله جاء وقت رواحنا إلى الملك الناصر، ثم حدثه الحاج بهادر بما جرى بينه وبين الأفرم، فقال: قم بنا إليه، فركبا وأتيا إلى الأفرم، فقال له: الأفرم: أراك جئت، فقال: جئتُ لآخذ دستورًا للحاج بهادر يكون معي، ونتفق على المصالح السلطانية، فقال لهما الأفرم: سيرا وتوكلا على الله، واحترزا لا يدخل عليكما دخيل، فودّعاه وخرجا.


(١) جوشن - جواشن: وهو مثل الزرد، يلبس على الظهر، وبينما يتكون الزرد من حلقة واحدة، يكون الجوشن حلقة حلقة تتداخل فيها صفائح رقيقة، ينظر صبح الأعشى ٣/ ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>