للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلوا سلم بعضهم على البعض، فأخذوه وجاءوا به إلى السلطان، فلما وصلوا ترجلوا وباسوا الأرض، فهم أن يترجل لهم فمنعوه، وقبلوا ركابه، وساروا تحت ركابه إلى الدهليز، فنزل السلطان وجلس على كرسي من الحديد الصيني، ووقفت الأمراء بين يديه، فأمرهم بالجلوس فجلسوا، وتحدثوا في أمر العبور إلى دمشق، فقال السلطان: أنا ما رجعت في المرة الأولى إلا لأمر ذكرته في قلعة الكرك، وما كان غيري يقوم بذلك (١)، وما كان يمكن أن أخلى أصحابي على الخان وأروح أنا، والآن قد قَضَيتُ شُغلي بروحي ورجعت فتقدم قطلوبك وباس الأرض وقال: البلاد بلاد مولانا السلطان والمماليك مماليكهـ، ومن يمانع مولانا السلطان في بلاده، ثم تقدم وأخرج كتاب سلار وناوله السلطان، فقرأه وفرح، وقال: أرجو أَمْن سَبْقه [فهو] (٢) أكثر من هذا.

ثم إن السلطان ألبس قطلوبك خُلعة سَنية، وشد في وسطه منْطقة (٣) مرصعة بالجوهر بألف دينار، وكلوتاه (٤) زركش، وشاش (٥) خليفتى، وأعطاه ألف دينار، وكذلك الحاج بهادر، وأمرهم أن ينزلوا بجنب خيامه، وأمر لقطلوبك بأن يعمل استادارا وبهادر حاجبًا.

وفي اليوم الثاني رحلوا طالبين دمشق، وارتجت لهم الدنيا، وأرسلوا البطائق إلى دمشق من أذرعات ومن حسبان، يُعْلِمون الأفرم بأن الحاج بهادر وقطلوبك قد ذهبا إلى الناصر، وهم سائرون إلى دمشق، فلا سمع بذلك الأفرم لطم على رأسه وقال: والله، قد حسبت هذا الحساب، وطلب الأمراء وقرأ عليهم البطائق، وبقي متحيرًا ما يدري ما يصنع.


(١) بذلك غيري: في الأصل، وغيري، مكررة مما سبق.
(٢) فاهو: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٣) المنطقة، بكسر الميم = الحياصة، وهي ما يشد في الوسط، يُلبسها السلطان للأمراء عند إلباسهم الخُلغ والتشاريف، ينظر صبح الأعشى ٢/ ١٣٤.
(٤) الكلوتة - كلوتات: غطاء للرأس، تلبس وحدها أو بعمامة، وهي من رسم الدولة التركية، يلبسها السلطان والأمراء وسائر العسكر، ينظر صبح الأعشى ٤/ ٦، النجوم الزاهرة ١٢/ ٥٣ هامش ٥.
(٥) شاش: نسيج رقيق من القطن وملاءة من الحرير يعتم بها، محيط المحيط، مادة شوش.

<<  <  ج: ص:  >  >>