للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبينما هو كذلك فإذا قد وصل بلاط، وكان المظفر يعتمد عليه في جميع أشغاله، فلما رآه الأفرم فرح به، وأخرج كتاب السلطان وأعطاه للأفرم؛ فإذا فيه: قد تواترت علينا كتبك مع البريدية [تتضمن] (١) نزول الناصر من الكرك، وأن معه جماعة، وأنتم خائفون منه، وليس معه إلا مائتا نفس، ولا نعرف خوفك من أي شيء؟ فكيف لو جاءكم خربندا؟ وأنت وقطلوبك كفاية له ولمن معه، خل عنك بقية الأمراء، ولولا أن الخيل في الربيع سَيَّرنا لك جريدة كفت مؤونته، وذكر في كتابه للأمراء: بلغنا قلة نصحكم ومخالفتكم للنائب، فدعوا الباطل، وما سولت لكم أنفسكم، [فكونوا] (٢) لأمره سامعين، وإلا أصبحتم نادمين، فلما سمع الأمراء ذلك قالوا: السمع والطاعة لله تعالى، ثم لمولانا السلطان.

ثم سير الأفرم وراء القضاة، وطلب المصحف، وأراد أن يُخَلِّف الأمراء، فإذا بجماعة من الحلقة كانوا في الكشف حضروا وأخبروا أن الناصر ومعه قطلوبك نزلوا على أذرعات، فاختبط القصر وماجت الناس، وتفرقت الأمراء، ولم يبق عند الأفرم إلا مماليكه وابن صبح، فأطرق رأسه إلى الأرض وهو يتفكر، فدخل عليه أيدغدي شقير وعز الدين الزردكاش وحمزة، وقالوا له: قعودك وحدك ما ينفع، فقال لهم: وماذا أصنع؟ فقالوا: ابعث أحد الأمراء الذي تعتمد عليه يأتى لك بالأمان من السلطان الناصر، وإلا أُخِذْت، فقال: والله، لا فعلت ذلك أبدًا ولو سُقِيت كأس الرَّدَى، غير أني أبعث [وأقول له] (٣): أمهلني عشرة أيام حتى أسير إلى الملك المظفر، فإن حضر ورد عن بلاده وإلا سلمت إليه البلاد من غير حرب ولا قتال، وأكون قد [أخمدت] (٤) هذه الفتنة، وربما يرجع المظفر وسمح له بالشام وبلادها، فقال بلاط: هذا هو الكلام الذي يُعتمد عليه، فاتفقوا على أن يرسلوا إلى الناصر علاء الدين أيدغدي والزردكاشي، فركبا البريد وذهبا إلى الناصر.


(١) يتضمن: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٢) فكوا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٣) وأقوله: في الأصل.
(٤) أخذت: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>