للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند سلار ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع: طلب منه الجواب. فقال: اذهب أنت وأنا أبعث الجواب بقاصد عن عندي، فأعطاه خمسمائة درهم وخرج من عنده وذهب.

ثم كتب سلار إلى [برلغي] (١) يقول فيه: إن الملك الناصر قد (٢) توجه إلينا بعساكر الشام ومعه أمراء كل واحد منهم يُخرب إقليمًا، وأنه قد كاتب إلى جميع أمراء مصر فغدًا لو جاء إليك ألف فارس من الشام هرب كل مَنْ معك إليهم، وربما أخذوك أسيرًا، وأنت أولى بطاعة ابن أستاذك، فإن سمعت مني، فحال وقوفك على هذا الكتاب حَلِّف الأمراء الذين معك واذهب إلى الناصر ليكون لك اليد البيضاء عنده، وأنت تعلم أن بيبرس ما تتم له السلطنة ولا هو خصم الملك الناصر، وقد نصحتك، والسلام.

وكتب كتابًا آخر وأرسله إلى الملك الناصر، مع مملوك له يقال له: زنكي، وقال له: إن رأيت برلغي قد أجاب إلى ما قلت إليه، فاذهب إلى الملك الناصر وإلا فارجع إلىَّ سريعًا، فخرج زنكي على الهجين، فما أمسى إلا وهو عند برلغي، فأعطاه كتاب سلار، فلما قرأه بقى مفتكرًا يتقدم ويتأخر، فبينما هو في ذلك، فإذا باستاداره قد حضر وأخبره بأن مماليك أقوش الرومي قتلوا أستاذهم على درب السويس، وراحوا إلى الملك الناصر، فلا سمع بذلك قوى عزمه على الرواح إلى الناصر، ثم قال لزنكي: اذهب وقل للأمير سلار، خرج زنكي من عنده وأخذ طريق غزة.

وأما الأمير سيف الدين تمر الساقي فإنه أصبح في أرض العباسة، وجاءته خفراء البلد وقالوا له: يا أمير، مِن أين جئت؟ فقال: من القاهرة، جئت لأحرس هذا الطريق، فقالوا: مرحبًا بالأمير، ولكنا خائفون عليك لأن جماعة من صيادينا كانوا في البرية جاءوا الساعة وأخبروا أنهم رأوا البارحة عند أبيار مسامة مائة رجل، وهم ركاب هجن ومعهم خيول مجنبة، فنخشى عليك من أن يدهموك على حين غفلة، فضحك تمر وقال: إنهم يأخذوننا من وسط بلادنا، فقالوا: لا تقل هكذا يا أمير، فاليوم فرسان الشام كلها مع


(١) بلرغي: في الأصل، والتصويب مما سبق، ومما يلي.
(٢) قد: ملحقة بين الأسطر في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>