للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مسه ومن معه الشتات، وتقسمت به العزمات لاشتداد الأزمات، وامتلأ مماليكه حنقًا لما فارقوا من السعادات، وذاقوا من طعم الإمرة والطبلخانات، وما آل إليه أمرهم من ردى الحالات، ودبت الشرور في نفوسهم، وفرح إبليس في رؤوسهم، ولما علموا أنا عدنا في طلب الأموال والخيول أيقنوا بالخذلان والخمول، وهموا أن [يثبوا] (١) علينا ويوقعوا بنا، وباتوا ليلتهم تلك مشتورون فيما يفعلون، ويأتمرون فيما يأتون ويهمون، غاية يهمهمون، وقالوا: نقتل هذين الورادين علينا، ونأخذ مخدومنا وما معنا من الأموال، والأرض لدينا واسعة، فعكس الله أفكارهم، وأبطل اشتوارهم، وصاننا منهم، بأن أطلعنا بعض صبياننا على أمرهم، فأخذنا بالاحتراز وعجلنا بالنجاز، وأعلمناه بأمر أولئك الصبيان وما أرادوه من العدوان، فأظهر عدم الرضى بذلك ومنعهم من التطرق إلى هذا الفعل، وما زلنا نتلطف حتى استخلصنا الخزائن والأموال منه، وانفصلنا عنه، ونزلنا الحراريق من شرق أسيوط، وحضر هو ومَنْ معه في البر ومعه الأمير سيف الدين بهادر آص ليتوجه به إلى حيث زعم أنه يتوجه إليه (٢).

ثم قال بيبرس: وعاد المظفر من بلاد إخميم على أنه يُعطى صَهيون وأعمالها [ويتوجَّه] (٣) إليها ويقيم بها، ففارقه الأمَراء الذين معه من إطفيح وحضروا إلى الباب الشريف، وهما: بدر الدين الفتاح (٤)، وسيف الدين قجماز (٥)، وحضر صحبتهما أكثر مماليكه الذين تقرر أنه يعيدهم ولا يأخذهم معه، وكانوا أكثر من ثلاثمائة نفر، وأحضرا معهما الخيل والبغال التي كان أخذها من الاصطبلات الشريفة، فلما وصل الأميران المذكوران خلع عليهما، وفرقت مماليك الجاشنكير على الأمراء، وأخذ بعضهم وأضيف إلى المماليك السلطانية، ثم قبض على الأميرين المذكورين، وعلى عز الدين الخطيري عشية


(١) لا يثبوا: في الأصل: والتصويب من التحفة اللطيفة ٢٠٧، وينظر ما يلي.
(٢) ينظر التحفة اللطيفة، ٢٠٦ - ٢٠٧، حيث يوجد اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) وتوجه: في الأصل: والتصويب يتفق مع السياق.
(٤) هو: بكتوت، الأمير بدر الدين الفتاح، من مماليك المنصور قلاوون، توفي سنة ٧١٠ هـ/ ١٣١٠ م، الدرر الكامنة ٢/ ٢٣ رقم ١٣١٨.
(٥) قجماز أو قجماس المنصوري: أحد البرجية، أفرج عنه في مستهل ربيع الآخر ٧١٥ هـ، السلوك ٢/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>