للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهار.

وعند وصول الركن إلى إطفيح تقرر أنه يفوز منها إلى السويس، ومن هناك يتخرج إلى الصالحية ويتوجه إلى الشام، إلى حيث رُسم له، وصحبته: الأمير سيف الدين بهادر آص، والأمير عز الدين أيدمر الشجاعي، ثم حصل التروى في أمره والتفكر في عاقبته، والخيفة من اعتراض العوارض، وتقلب الحوادث، وأنه قد يحتمل أن عند توجهه إلى تلك البلاد يلتف عليه من له قصد في الفساد، ومَنْ في قلبه بقية من الأحقاد، فيحسنون له العصيان ويندمونه على ما كان، فيجنح إليهم، ويكون ذلك سببًا لإثارة ثائر [تتفرق] (١) بسببه الكلمة وتضطرب لأجله الأمة، فَتُسفك الدماء، وتقلق الدهماء، فظهر أن من الحزم حسم هذه المواد واستدراكها قبل التماد واستحكام الفساد، فلما وصل المذكور إلى قريب غزة، وكان الأمير شمس الدين قراسنقر الجوكندار نازلًا بعد على الشريعة، والأمير سيف الدين بهادر الحاج، وقد خرجا معًا للصيد، فصادفا الجاشنكير في النفر الذي معه، فأحاطا به وقبضا عليه وعلى مَنْ معه (٢)، وأحضر إلى الخطارة صحبة الأمراء محتاطًا عليه، وعند وصوله إليها توجه الأمير سيف الدين اسندمر الكرخي من الباب العزيز ومعه مماليكه، فتسلموه، وأحضره إلى القلعة المحروسة يوم الخميس رابع عشر من ذي القعدة (٣)، فأودع الاعتقال، فكان آخر العهد به، وعاد الأمراء الذين أوصلوه من الخطارة إلى الشام، ومات، وسُلم إلى أهله ميتًا بعد أيام، فدفنوه بتربة كانت له قديمًا بالقرافة، وفرق بقية مماليكه على الأمراء، وأُوقعت الحوطة على أملاكه وأمواله وحواصله وتعلقاته، وفُوض الحديث في حصر تركته إلى الأمير جمال الدين أقوش الأشرفي نائب الكرك، بحكم أن السلطان يستحق نصيبه منها بالولاء والعتق، فبيعت حواصله وغلاله وتقسمت، بعد عينه، أمواله (٤)


(١) يتفرق: في الأصل.
(٢) في سابع ذي القعدة: في البداية والنهاية ١٨/ ٩٦.
(٣) ينظر نهاية الأرب ٣٢/ ١٦٠، كنز الدرر ٩/ ١٩٥.
(٤) ينظر التحفة الملوكية ٢١١ - ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>