للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يرد الملك إلى مولانا السلطان ليعدل بين الناس ويردع الظلمة، فلا ملكهـ الله البلاد وولي هذين الظالمين اسندمر وقراسنقر، مع علمه بظلمهما وعسفهما، فإن كان قصد مولانا السلطان الظلم وأخذ أموالنا فهو طيب على قلوبنا لأنه سلطاننا وهو الحاكم علينا، فإش لاسندمر أو لقراسنقر معنا؟ فوالله إن هذا لأكبر الكبائر تؤخذ أموالنا ونقهر بين يدي الظلمة والسلطان ساكت فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، أنت الحاكم علينا ونحن رعيتك، وكل راع مسئول عن رعيته يوم القيامة، فوالله لقد جاءت الأعداء على الشام وما أخربوها هكذا، وقد عرفنا بحالنا معهما مرارًا عديدة ولا نرى لكلامنا تأثيرًا ولا نسمع [إلا] (١) مواعيد بالصبر فمتى هذا الوعد؟ ونحن كما قال الشاعر:

أطل علينا من حماك غمامة … محملة دهما وأبطى رشاشها

فلا غيمها يجلى فييأس طامع … ولا غيثها يهمي فيروي عطاشها

وإن كان هذا رضاك فلا بأس، فقد عاقب الله تعالى أناسًا قبلنا بأخذ أموالهم وقتل أولادهم ونسائهم وقد ذكرهم الله في القرآن بقوله: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} (٢)، فنستعمل الصبر ونتوكل على الله تعالى، لأن الله تعالى قال وهو أصدق القائلين: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} (٣).

ونحن نخشى عليك من عاقبة الظلم لأنه ورد: أن الملك يدوم للكافر بالعدل ولا يدوم للمؤمن بالظلم، وفي المثل: من أعان ظالمًا بلى به، ونحن قد نبهناك، وليس فيما ذكرنا مصلحة لنا وحدنا، بل فيه مصلحة لنا ولمولانا السلطان، والتي للسلطان، أعظم من وجهين: الأول: فيه عمارة بلاده، والثاني: إشاعة ذكره بالعدل واستجلاب الدعاء لدولته


(١) ولا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٢) جزء من الآية ٤٩ من سورة البقرة رقم ٢.
(٣) الآية ١٢٧ من سورة النحل رقم ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>