للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالدوام، ومولانا السلطان ماله عذر يعتذر به بين يدي الله تعالى، لأنه تعالى قد ملكهـ نواصيهم وأذل له الظلمة.

فلما وقف السلطان على هذه المطالعات، قال: واحسرتى، قد خربت والله الشام، ودعت الناس علينا بعد أن كانوا يدعون لنا، وهؤلاء الأمراء الذين في الشام لو بعثت وراءهم بالطلب ما يُجيبون وربما يفسدون علىّ الأمر، وإن خليتهم أخربوا البلاد وأهلكوا العباد، ثم أنه طلب الأمير كراي (١) المنصوري والأمير سنقر [الكمالى] (٢)، وكانا من أكبر مماليك والده الملك المنصور قلاوون، وقال لهما: إن الشام قد خربت، فقالا: أعوذ بالله، فأخرج المطالعات وأوقفهما عليها، ثم قال: هذا قراسنقر قد أخرب الشام، واسندمر قد أخرب حلب، وقطلوبك قد أخرب صفد، فإن [طلبتهم] (٣) ما يحضرون وربما يفسدون الملك علىّ، وإن خرجت أنا إلى الشام فخروجي ما هو بهين.

فقال كراي: حرس الله الممالك ببقاء مولانا السلطان، فمولانا السلطان لا يحمل على قلبه شيئًا من هؤلاء اللئام، فالمصلحة في هذا الوقت أن ترسل إليهم الهدايا وتكتب إليهم تطمينًا لهم، لأن هذه الأيام شتاء والعدو المخذول مجاور للشام، فإذا جاء الربيع مجرد مولانا السلطان تجريدة والمملوك يخرج معهم ويحضرهم إليه محتاطًا عليهم يفعل فيهم مولانا السلطان برأيه.

فشكره السلطان وخلع عليه، وقال: هذا أمر ما اطلع عليه غيركم، فاخفوه إلى وقته، فخرجوا من عند السلطان.


(١) هو: كراي المنصوري، الأمير سيف الدين، من مماليك السلطان قلاوون، وولي نيابة السلطنة بدمشق الأقل من نصف سنة، توفي في السجن سنة ٧١٩ هـ/ ١٣١٩ م، الوافي بالوفيات ٢٤/ ٣٣١ رقم ٣٥٦، الدرر الكامنة ٣/ ٣٥٢ رقم ٣٣٠٩، المنهل الصافي ٩/ ١٢٣ رقم ١٩٠٩.
(٢) الجمالي: في الأصل، والتصويب مما يلي
وهو: سنقر الكمالي، الأمير شمس الدين الحاجب، مات بمحبسه بالقلعة في ربيع الآخر ٧١٨ هـ/ ١٣١٨ م، السلوك ٢/ ١٨٩، الدرر الكامنة ٢/ ٢٧٣ رقم ١٩٠٣.
(٣) طبتهم: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>