للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم طلب السلطان أمير على (١) بن الأمير قراسنقر، وكان مقيمًا في مصر، وقال له: تجهز فإني أرسلك إلى أبيك في الشام، فقال: سمعًا وطاعة، ثم أمر له بخُلعة سَنِيَّة وحياصة بجوهر تساوي ألف دينار وفرس بسرج ذهب وكنبوش زركش تساوي ألف دينار، وبألف دينار عين، وكتب معه كتابًا، وقال فيه:

إن الله تعالى مكننا في البلاد والعباد وأمرنا بالعدل والإحسان والنظر في حال الرعية، وقد بلغنا أن بلاد حوران قد خربت من كثرة الجبايات، وأنت تعلم أن بلاد حوران هي قوام دمشق وقوام جندها، وقد تقدم لك مرسوم منا بمسامحة أهل حوران من الجبايات، ومن كان فيها رأس فتنة أو بادي شر فقد أمرناك بقتله.

ثم اتصل بنا أن أجناد دمشق قد هلكوا من عدم تحصلهم منها، ولا سيما أرباب النقد، فهذا الذي جرى فيها سبب للخراب وزوال الدولة، والأجناد هم عهد الملك، ولا يتم الملك إلا بهم، فإذا كانوا على هذه الحالة فكيف يقيمون البيكارات (٢)، وقد بلغنا أنكم قد جبيتم حقوق البلاد، فلا الأجناد أعطيتم ولا إلينا حملتم، فمقصودنا نعلم أن هذه الأموال وصلت إلى مَنْ؟ فتجعل بالك، وتكشف أحوال الجند وتوصل إليهم حقوقهم وتزيل ضروراتهم، وتقطع مادة الشكوى.

وإياك وأخذ أموال الناس بغير حق، فهذا لا يخفى علينا لأن من الشام من يطالعنا بذلك وبكل ما تعملونه، وقد بلغنا أنه جاء إليك جماعة من شياطين حلب ووليتهم أكثر أعمال دمشق، وكذا وليت مماليكك وظائف دمشق وبلادها وأعمالها، فالشاد الذي متولي من جهتنا ما يعمل إذا كان مماليكك يستغلون الجهات، فساعة وقوفك على هذا الكتاب تعزل مماليكك من الأعمال، وكذا تعزل الحلبيين وتحضر بأناس من أعيان الحلقة ومشايخها الذين يخافون على أعراضهم وتوليهم الجهات والأعمال وتكتب عليهم حججًا بأن يوصلوا إلى


(١) هو: علي بن قراسنقر، الأمير علاء الدين، توفي سنة ٧٤٨ هـ/ ١٣٤٦ م الوافي بالوفيات ٢١/ ٣٩١ رقم ٢٦٩، الدرر الكامنة ٣/ ١٦٩ رقم ٢٨٤٤، المنهل الصافي ٨/ ١٤٢ رقم ١٦٢٨.
(٢) البيكار: لفظ فارسي معناه: الحرب عامة، ينظر صبح الأعشى ١٣/ ٩٤، ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>