للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجناد حقوقهم، ولا تُوَلِّ أحدًا من شياطين الحلقة لأجل حمل الأموال إليك، أو تولي أحدًا بالبرطيل (١) فيفسد الدنيا، فإن لم تعملوا ما قلنا لكم كشفناه بنظر العين عند وصولنا إلى الشام ومع هذا أنت ما تحتاج إلى وصية مع علمك بالأشياء، فإن كان هؤلاء يعملون هذه المفاسد وأنت لا تعلم ولا يعلمك أحد فقد أعلمناك، وإن كنت تعلم ذلك فأزله، فإن الشام لا يحمل (٢) هذا.

وأوصى للأمير على ابنه أيضًا بأشياء كثيرة مشافهة، وقال له: يا أمير على، ما لأحد مال مثل مال أبيك، فإن ماله أكثر من مال سلار في آخر عمره، ولا ينتهى عن الظلم، فباس أمير على الأرض وقال: يا مولانا السلطان أنا وأبي وماله، الجميع لمولانا السلطان، ثم قال السلطان: أنا ما أقول هذا حسدًا له ولا من ضيق العين، بل لأنه صار شيخًا كبيرًا، وكان الواجب عليه أن ينصحنا ويقول لنا مثل الذي قلنا له.

ثم إنه كتب كتابًا آخر إلى الأمير اسندمر كرجي، نائب حلب وكتابًا آخر للأمير سيف الدين قطلوبك نائب صفد.

ثم سافر ابن قراسنقر، ولما وصل إلى أبيه وناوله كتاب السلطان فقرأه صعب عليه جدًا، وقامت أخلاقه، وقال: أستحق منه أن يكتب إلى بأبخس من هذا وقد سلمت إليه الملك من بعد خروجه من يده، وطلبت أمراء مصر والشام أن يحلفوا لي فما رضيت، فقلت لهم: إن ابن أستاذنا أحق بها، فهذا جزائي منه أن يكتب لي كتابًا مثل هذا، فقال له ابنه: لا تتكلم بمثل هذا الكلام قدام [أحد] (٣)، ما يحصل منه خير، فأنت تعلم ما جرى على غيرك.

ثم إنه أخرج الخلعة والحياصة وقدم الفرس والألف دينار، فقال قراسنقر: لا بهذه ولا


(١) البرطيل - البراطيل: الرشوة، محيط المحيط، وينظر كتاب البذل والبرطلة زمن سلاطين المماليك للدكتور أحمد عبد الرازق أحمد.
(٢) لا يحمله: في الأصل، ومصححه.
(٣) إضافة للتوضيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>