للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا الكتاب، والله، أنا خائف من هذا، فقال له ابنه: خل عنك هذا، والله، ما عند السلطان أحد أكبر منك، وما كتب لك هذا الكتاب إلا [لتعدل] (١) حتى يظهر لك عدل وخير في البلاد، وأيضًا عَرَّفك أن له عيونًا في دمشق يعرفونه بما تفعل أنت وغيرك.

وكذلك [وصل] (٢) من السلطان إلى اسندمر نائب حلب كتبا مثل هذا مع خلعة مكملة وفرس.

فلما قرأ اسندمر الكتاب رمى الخلعة واغتاظ غيظًا عظيمًا وشتم البريدى، وقال له: قل له سلم بلدك إلى غيري، ولولا أنا ما كان يملك كن (٣) دجاج، وأنا أقدر أن أزيل السلطنة عنه إن لم يقعد وهو عاقل، فقالت له مماليكهـ: اش هذا الكلام الذي لا يرضى به الجهال؟ فأخرجوا البريدي من بين يديه، وقالوا له: إن به مرضًا يتحرك عليه في بعض الأوقات، فأنزل أنت في مكان واسترح إلى أن يزول هذا المرض عنه، ثم أنزلوه في موضع، ثم جاءوا إلى اسندمر وقالوا: اش هذا الكلام الشنع؟ والله، الذي دخل [مارد فيه] (٤) ما يتكلم بهذا الكلام، فقال: والله، ما بقى إلا أن أسير إلى خرابندا، فإن كان قفجق ما أخرب البلاد فأنا أخربها وأنظر من يندم أنا أو الملك الناصر، فقالت مماليكهـ: اترك هذا الكلام، فقال: لا، هذا هو الصواب، وإلا اعمل هكذا وإلا رحت مثل ما راح سلار وغيره، فقالوا له: لا تستعجل فنحن في أطراف البلاد، فإذا سمعنا بأن السلطان قد توجه إلى الشام لأجل العدو المجاور لنا، فقد علمنا أنه لأجلك، فيحتج عليك بالعدو، ففي ذلك الوقت ندبر ما يكون فيه الخيرة والصلاح، والسلطان ما كتب إليك وحدك، وقد كتب مثل هذا، بل أنجس من هذا، إلى الأمير قرا سنقر نائب الشام، وهو لم يتغير بذلك، فلا تخرب بيتك بيدك ويشمت بك أعداؤك وحسادك، فاطلب الساعة البريدي عندك، واخلع عليه، وقل له: جئتني وفي رأسي سخونة فما عرفت ماذا قلت.


(١) تعدل: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٢) وصال: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٣) كن - أكنان وأكنة: البيت، القاموس المحيط، مادة كنن.
(٤) ماردين في الأصل، والتصويب يتفق مع المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>