للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقالوا: هذا هو الرأي، فانتظم أمرهم على هذه الحال، ثم في الحال جهز مملوكًا إلى مدينة قارا (١) ومعه حمام، وقال له: إذا وصل اسندمر إلى قارا سيره إلينا واعلمنا بذلك.

ثم إنه قد عزل كل شيء له، [إذ] (٢) وصل مملوك الأمير قطلوبك نائب صفد، وأعلمه بأن اسندمر راح على جسر يعقوب، ومعه الأمير غرلو وبنجار، ومعهما خمسون فارسًا، فتعجب قراسنقر من حيلة كراي التي رتبها عليهم، ثم قال لمملوكه: لا تأمن أن يكون قد أوصى علينا أمراء دمشق، وإذ خرجنا ما يمكنونا من الخروج، والرأي عندي أن نخرج إلى المرج فهو خير لنا من مقامنا في البلد، فكل أهل دمشق يبغضوننا.

ولما عول على الخروج، [إذ] (٣) وقعت بطاقة من الصَّنَمَيْن (٤) يُذْكر فيها بأن أرغون الدوادار جاء على البريد ومعه عثمان الركاب وعشرة مماليك وقبل الظهر يكون عندكم، فركبت الأمراء جميعهم لما سمعوا بقدوم أرغون، وأن قراسنقر ألبس مماليكه لبوسات تحت قماشاتهم، ثم خرج وسار إلى ملاقاة أرغون، فلقاه على الجسر، ثم سار به إلى القصر، ولما استقر "الجلوس، أخرج" (٥) أرغون كتاب السلطان يقول فيه: حال وقوفك على هذا الكتاب تروح إلى حلب فقد وليناك عليها، وعند وصولك إليها يصل إليك تقليدك، فقرأ الكتاب وبقى مفكرًا ساعة، فقال له أرغون: مالك؟ فقال: ولا شيء، السمع والطاعة لمولانا السلطان، ثم إنه أعلم أصحابه بذلك، وتفرقت الأمراء، وتحدثوا أن أرغون جاء يشيع قراسنقر إلى حلب، فكان عندهم أعظم من الأعياد برواحه عنهم.

وفي تلك الليلة فَرَّق أرغون كُتُب السلطان على الأمراء بدمشق، يقول فيها: أقسم بالله العظيم أن من راح عنكم أحد إلى قراسنقر، أو مملوك من مماليكه، ضربت


(١) قارا - قارة: قرية كبيرة في منتصف الطريق بين دمشق وحمص، ينظر تقويم البلدان.
(٢) فإذا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٣) فإذا في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٤) الصنمان: قرية من أعمال دمشق، في أوائل حوران، بينها وبين دمشق مرحلتان، وهي منزلة من منازل البريد في الطريق من جينين على دمشق، معجم البلدان، صبح الأعشى ١٤/ ٣٨١.
(٥) بهامش المخطوط، ومنبه على موضعها بالمتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>