للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاهنا، فصار العذر واضحًا عند كل أحد.

ثم إنه أخرج كتاب مهنا وناوله لقرا لاجين، ففتحه وقرأه على الأمراء، فإذا فيه يقول: من أخيهم مهنا، أراكم يا أمراء قد زاد طمعكم فينا، وكثير جهلكم بنا، وقد تعذيتم طوركم، وزاد علينا أمركم، ولو أردت من [أول] (١) يوم فرقت جمعكم، وشتت شملكم، ولكن ما أردت أن يُقال عني أنه أفسد البلدان وقَطع الطرقات وخَوَّف الناس في جميع الجهات، فلمَّا تأخرت عنكم ظننتم أني عاجز، وفي قلبي خوف، وأنا، والله العظيم، ما فعلت هذا إلا إخمادًا للشر وإصلاحًا للأمر، ولو أردت الفساد كَبَستُ عليكم في حمص، لكن كان يحصل الأذى للأجناد الصعاليك والفقراء، وإنا قد حلفنا برب السموات والأرض، إن أَمْسَى منكم أحد على الرحبة لأذقنه طعم السيوف والرماح، وقد أعذر من أنذر، وأنصف من حَذَّر، والسلام.

وهم في الحديث، فإذا بالكشافة التي كانوا على قَبَاقِب قد جاءوا وهم عرايا مشلِّحين، فسألهم الأزكشي عن حالهم، فقالوا: نحن وقوف عند طلوع الشمس، وإذ أقبل علينا سليمان بن مهنا ومعه فرسان كثير من العرب ملبسين، فقبضوا علينا وجابونا إليه، فأخذ خيلنا وقماشنا، ثم قال: رُوحُوا، غدًا نرد عليكم خيلكم وقماشكم إذا جئنا إلى الرحبة، فبينما هم في ذلك، فإذا بّراج الرحبة قد جاء ومعه بطاقة، فقال الأزكشي: من أين هذه البطاقة. قال من قائم العنقاء، وكان هناك كشافة من جهتهم، ففتح الأزكشي البطاقة فقرأها على الأمراء، فإذا فيها: يذكر أن محمد بن عيسى وصل ومعه ألف فارس، وأنه قد مَسَك جميع الطرقات، وأنا قد هربنا منه إلى زور الفرات، فقالت الأمراء: [لَيْكون] (٢) في نية مهنا الغدر بنا، ويمسك علينا الدروب والطرقات، فقال بيبرس العلائي: والله، لو أراد مهنا أذيتكم ما خَلَّى أحدًا منكم يصل إلى هذا المكان، فتشاوروا فيما بينهم، وقالوا: نرجع بحرمتنا، وهؤلاء قد وصلوا إلى الفرات وما بقى


(١) لول: في الأصل.
(٢) لا يكون: في الأصل، والتصويب يتفق مع المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>