للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهلك منهم ناس، وتضاربوا على الماء بالسيوف، فقال مهنا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذا والله نقص في المسلمين، وما ينال المشقة إلا الأجناد المساكين والغلمان والخدام، وأما الأمراء فإنهم لا يبالون بذلك، وهذا كله في ذمة الملك الناصر، فقال سليمان: والله، لولا خوفي لكنت كبستهم في الليل، وما كنت أخلِّي منهم ذقنًا.

ثم طلب مهنا ولده أحمد، فقال له: خذ معك مائتين من العرب واذهب بهم إلى المشهد، واعمل لنا يزكًا، ولا تغفل عن كشف القوم ليلًا ونهارًا، وأمر ولده الآخر أن يأخذ معه خمسمائة فارس ويمسك يزكًا (١) على قُبَاقب، وأمر مفرج بن هلال أن يأخذ معه مائتي فارس ويمسك يزكًا على السُّخْنَة، وقال لهم: اجعلوا بالكم من ناحية تدمر، ثم سير أخاه محمدًا مع خمسمائة فارس إلى قائم العنقاء، فقال له قراسنقر: ما الحاجة إلى أن ترسل هؤلاء إلى قائم العنقاء وهو في الشرق؟ ومَنْ يجيء إلينا من الشرق؟ فقال نَعم: من الشرق ومن الغرب فلا تهملهما، وأنا أَخْبَرَك بالملك الناصر وبحيلته وبمكره، وفَرَّق العربان في أقطار الأرض، ثم استدعى مهنا حاجبه وهو عُبيّد بن جلال، وقال له: سر إلى هؤلاء الأمراء الذين نزلوا على الرحبة، وأعطاه كتابًا، وأمره أن لا [يقرأه] (٢) حتى [يجتمعوا] (٣) كلهم، فأخذ عبيد الكتاب وسار حتى وصل إلى الرحبة، واجتمع بنائها الأزكشي، وكانت العسكر نازلين عليها وهم أكثر من أربعة آلاف فارس، والرحبة ما تحمل أكثر من مائتي نفس، وهم في قلق شديد من جهة المأكول، فنزل الأزكشي ومعه عبيد حاجب مهنا، وجاء إلى خيمة لاجين، واجتمعت الأمراء جميعهم، فقال: يا أمراء، مهنا يُسَلِّم عليكم ويقول لكم: كلما تأخرنا إلى وراء وأنتم تتبعوننا، وأنا، والله العظيم، ما تأخرت عنكم فزعًا وخوفًا منكم، وأنا لو جاءني كل من على وجه الأرض وتبعني أهلكته في هذا البر، ولكنني ما أريد أذى مسلم، ولو أني أردت قَتْلكم قَتَلتكم من زمان، ولكن أنا أعلم أنكم مجبورون على خروجكم، وقد طولت معكم إلى


(١) يزكا: مكرة في نهاية ٣٣٤، وبداية ٣٣٥.
(٢) يقرأ: في الأصل.
(٣) يجتمع: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>