للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيعة ضلال، وجد عليه وقتله.

ومنها: أنه خُطب الملك الناصر بالمغرب، وذلك أن الشيخ أبا زكريا يحيى الذي يقال له اللحياني، من أكابر المغاربة، كان ورد إلى الأبواب السلطانية فأكرمه السلطان، وقصد الحَج فجهزه كما يختار (١)، فلما رَجع من حَجه سأل توصيله إلى بلاده، وهي طرابلس المغرب وما معها، والتزم إن فتح الله عليه تلك البلاد أقام نفسه فيها مقام غلام ونائب للسلطان، فجهزه وجرد معه جُندًا لتوصله، فتسامعت به العربان وأهل تلك البلاد، وأنه واصل بجيش من باب السلطان، عظم في نفوسهم وتمكنت مهابته في قلوبهم، وعقدوا له البيعة بالسلطنة فيما بينهم، ووثبوا على صاحب بجاية وتونس، واسمه أبو البقاء خالد، وقبضوا عليه، واستقام له الأمر، وتظاهر بشعار السلطنة، ودخل تونس والسناجق المنصورة السلطانية قد نُشرت عليه، فسارع إليه الخاص والعام، وكان ممن طَاعه ابن أبي دبوس، واستوثقت له مملكة إفريقية وبجاية وقسنطينة الهواء وبلاد الراب، وخُطب باسم الملك الناصر في هذه الممالك كلها على المنابر، وذلك في شهر رجب الفرد من هذه السنة.

ومنها: أن السلطان رسم بعمارة جامع على شاطئ النيل بمصر، فصرفت مصارفه من خالص ماله، ورتبه برأيه، فجاء غاية في حسن الأوضاع، وكملت عمارته في سنة ثنتي عشرة وسبعمائة، وولي خطابته بدر الدين بن جماعة، ورتب به جماعة من الصوفية وجعل شيخهم قوام الدين الشيرازي، وهو الجامع المعروف بالجامع الجديد (٢).

وقال فيه بعض أهل العصر من قصيدة منها:

وجعلت شكران التمكّن جامعًا … قد وقَّرت من أجله لك أسهُمُ

جاريت فيه النيل نيلا فاغتدى … يجري ليدرك ما يجود وينعم


(١) ينظر ما سبق.
(٢) ينظر السلوك ٢/ ١١٤، وينظر المواعظ والاعتبار المجلد الرابع ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>